اضطراب الآنية: الشعور بالانفصال عن الذات والعالم

اضطراب الآنية

اضطراب الآنية، المعروف أيضًا باضطراب تبدد الشخصية أو تبدد الواقع، هو حالة نفسية يشعر فيها المصاب بالانفصال عن ذاته أو عن العالم من حوله. يبدو له كل شيء غير واقعي، وكأن حياته حلم لا يمكنه الاستيقاظ منه. قد يشعر المصاب بأن جسده وسلوكياته غير مألوفة، مما يسبب له شعورًا بالعزلة والغرابة.

هذا الاضطراب شائع جدًا، حيث يصيب حوالي 19% من السكان، وهو أكثر انتشارًا بين النساء مقارنة بالرجال، ويظهر غالبًا في مرحلة المراهقة أو بداية الشباب.

أعراض اضطراب الآنية

  • الشعور بالانفصال عن الذات وعدم التعرف على النفس.
  • تغيرات في إدراك البيئة المحيطة، حيث يبدو كل شيء غريبًا وغير مألوف.
  • الشعور بالفراغ الداخلي.
  • صعوبة التفاعل مع العالم الخارجي.
  • إدراك كامل بأن هذه المشاعر غير طبيعية، مما يزيد من التوتر والانزعاج.

أسباب اضطراب الآنية

الصدمات والضغوط النفسية

الصدمات النفسية أو التعرض لمواقف تهدد الحياة يمكن أن تؤدي إلى ظهور أعراض اضطراب الآنية، خاصة إذا كان الموقف مرتبطًا بضغط نفسي كبير.

الأسباب العضوية

هناك اختلالات في المواد الكيميائية العصبية في الدماغ قد تكون سببا في اضطراب الآنية.

 تعاطي المخدرات

تعاطي المواد المخدرة يؤدي إلى ظهور أعراض اضطراب الآنية بشكل مؤقت أو دائم.

تشخيص اضطراب الآنية

يعتمد التشخيص على تقييم الطبيب النفسي بناءً على معايير محددة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، ويتضمن:

  • تكرار نوبات الانفصال عن الذات أو العالم.
  • إدراك المصاب بأن هذه المشاعر غير واقعية.
  • تأثير الأعراض بشكل سلبي على الحياة اليومية.
  • يتم استبعاد الأسباب الأخرى باستخدام اختبارات مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التخطيط الكهربائي للدماغ، وأحيانًا اختبارات الدم والبول.

تجربة المصاب باضطراب الآنية

  • يشعر وكأنه يعيش في حلم أو يشاهد حياته من خلف زجاج.
  • يلاحظ أفكاره وسلوكياته من الخارج. تع
  • يعاني من فقدان الاتصال بالمحيط والانفصال عن مشاعره.
  • هذه التجارب تؤدي إلى انخفاض الأداء الاجتماعي والوظيفي وتسبب انطوائية شديدة.

علاج اضطراب الآنية

 العلاج النفسي

العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يساعد المريض على فهم الأعراض والتعامل معها بشكل أفضل، مع تطوير مهارات الثقة بالنفس والاستقلالية.

 العلاج الدوائي

تُستخدم بعض الأدوية النفسية لعلاج الأعراض المصاحبة مثل القلق والاكتئاب.

الفرق بين اضطراب الآنية والآنية الجسدية

اضطراب الآنية (Depersonalization) والآنية الجسدية (Somatic Depersonalization) هما حالتان نفسيّتان مترابطتان، لكنهما يختلفان في النطاق والتركيز. اضطراب الآنية هو حالة عامة من الشعور بالانفصال عن الذات، حيث يشعر الشخص وكأنه يراقب نفسه من الخارج أو أنه غير متصل بمشاعره وهويته، مما يؤدي إلى إحساس غامر بفقدان الارتباط بالواقع الشخصي. أما الآنية الجسدية، فهي نوع محدد من اضطراب الآنية يتمحور حول الشعور بالانفصال عن الجسد بشكل خاص، حيث قد يشعر الشخص بأن جسده غريب أو غير مألوف أو أن أبعاده وشكله قد تغيرت. في حين أن اضطراب الآنية يؤثر على الإدراك العام للشخصية والمشاعر، فإن الآنية الجسدية تركز بشكل أساسي على العلاقة مع الجسد وإحساس الشخص به. كلا الحالتين قد تظهران نتيجة للتوتر، الصدمات، أو كجزء من اضطرابات نفسية أكبر مثل اضطراب تبدد الشخصية/الواقع، إلا أن الآنية الجسدية تعد تفرعًا محددًا ضمن الإطار الأوسع لاضطراب الآنية.

 الآنية الجسدية

اختلال الآنية الجسدية أو ما يُعرف بتبدد الشخصية (Depersonalization) هو اضطراب نفسي يسبب شعورًا بالانفصال عن الذات أو المحيط. يُصنَّف ضمن الاضطرابات الفصامية، حيث يؤثر على أفكار الشخص وذكرياته وهويته ومشاعره وإدراكه وسلوكه.

اختلال الآنية الجسدية يسبب شعورًا بالانفصال عن الذات أو المحيط وكأنك في حلم أو تراقب جسدك من الخارج. قد يكون مرتبطًا بالتوتر أو القلق أو اضطرابات نفسية أخرى. من المهم طلب المساعدة المهنية لتحديد التشخيص والحصول على العلاج المناسب لتحسين جودة الحياة.

أعراض الآنية الجسدية

  • تشمل الأعراض التي قد يعاني منها المصابون:
  • الشعور وكأنك في حلم: إحساس بأن العالم المحيط ليس حقيقيًا.
  • الانفصال عن الجسد: شعور بمراقبة الجسد من الخارج أو فقدان الإحساس بالملكية عليه.
  • الخدر العاطفي: صعوبة في الشعور بالمشاعر أو الإحساس بأنها ضعيفة أو مكتومة.
  •  مشاكل الذاكرة والانفصال: نسيان معلومات شخصية مهمة أو وجود فجوات في الذاكرة.
  • تشوه في إدراك الزمان والمكان: مثل الإحساس بمرور الوقت بسرعة أو ببطء، أو شعور بتغير في حجم الجسم أو أبعاده.
  • الاغتراب عن الواقع: إحساس بأن العالم من حولك غير حقيقي أو ضبابي.
  •  الشعور بالروبوتية: الشعور بأنك لا تتحكم في أفعالك أو تصرفاتك.

تتفاوت مدة هذه الأعراض بين ساعات وأيام، وقد تمتد لأسابيع أو أشهر. عند بعض الأشخاص، قد تكون الأعراض مستمرة مع فترات من التحسن أو التدهور.

متى يجب زيارة الطبيب؟

إذا كانت الأعراض تؤثر على حياتك اليومية أو علاقاتك أو وظيفتك، يُنصح باستشارة طبيب متخصص للتشخيص والحصول على العلاج المناسب.

العلاج المتاح لاختلال الآنية الجسدية

العلاج النفسي

العلاج بالكلام أو العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لتحليل الأعراض ومواجهتها.

الأدوية

قد يتم وصف مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق حسب الحالة.

 التقنيات الذاتية

  • التأمل الذهني وتمارين التنفس العميق.
  • تمارين استرخاء العضلات لإدارة التوتر والقلق.

 أسلوب حياة صحي

  • ممارسة الرياضة بانتظام.
  • الحصول على نوم كافٍ.
  • تناول غذاء متوازن.

عوامل الخطر ومضاعفات اضطراب تبدد الشخصية والانفصال عن الواقع

عوامل الخطر

تتعدد العوامل التي يمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة باضطراب تبدد الشخصية والانفصال عن الواقع، وتشمل:

السمات الشخصية

بعض الأشخاص يتمتعون بسمات شخصية تجعلهم أكثر عرضة للتأثر، مثل الميل إلى تجنب المواقف المثيرة للتوتر أو صعوبة التعبير عن المشاعر والتجارب العاطفية. هذه السمات تجعلهم أقل قدرة على مواجهة الأزمات النفسية. 

التعرض لصدمة نفسية خطيرة

يمكن أن تؤدي الصدمات النفسية الكبيرة في مراحل مختلفة من الحياة إلى الإصابة بهذا الاضطراب. وتشمل هذه الصدمات:

  • التعرض للعنف الجسدي أو النفسي.
  • الإساءة الجسدية أو الجنسية خلال الطفولة.
  • مشاهدة أو التعرض لأحداث مؤلمة، مثل الحروب أو الحوادث الخطيرة.

الإجهاد والتوتر الشديد

الظروف الحياتية الصعبة، مثل : مشكلات العلاقات الزوجية أو العائلية، فقدان الوظيفة أو ضغوط العمل، أيضا الأزمات المالية الحادة. كل هذه الظروف تجعل الشخص أكثر عرضة للاضطراب، خاصة إذا استمرت هذه الضغوط لفترة طويلة.

 الأمراض النفسية الأخرى

  • الاكتئاب، وخاصة الاكتئاب المزمن.
  • اضطرابات القلق، مثل اضطراب القلق العام أو نوبات الهلع.
  • اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، الذي يتزامن أحيانًا مع حالات انفصال عن الواقع.

 إساءة استخدام الأدوية والمخدرات

يمكن لبعض العقاقير الترفيهية، مثل الحشيش والمواد المهلوسة (LSD)، أن تؤدي إلى نوبات تبدد الشخصية أو حالات انفصال عن الواقع، خاصةً عند الأشخاص ذوي الاستعداد النفسي.

 الوراثة والعوامل البيولوجية

قد يكون للعوامل الوراثية دور في زيادة القابلية للإصابة بهذا الاضطراب، حيث يمكن أن ينتقل الاستعداد من أفراد العائلة الذين يعانون من اضطرابات نفسية.

المضاعفات

يمكن أن يكون اضطراب تبدد الشخصية والانفصال عن الواقع مصحوبًا بتحديات ومضاعفات تؤثر سلبًا على حياة المريض، ومنها:

  •  التأثير على الأداء اليومي كصعوبة التركيز على المهام اليومية، وضعف القدرة على التذكر واسترجاع المعلومات المهمة. كذلك تراجع الإنتاجية في العمل أو الدراسة.
  •  التأثير على العلاقات الاجتماعية مثل صعوبة التواصل الفعّال مع الأصدقاء والعائلة. افتعال مشكلات نتيجة الإحساس بالانفصال عن الذات أو البيئة. و أيض تزايد الشعور بالعزلة والوحدة.
  •  التأثير النفسي و يتمثل في ارتفاع مستويات القلق والخوف من فقدان السيطرة على النفس. و الإصابة بالاكتئاب الحاد نتيجة للشعور المستمر بالغربة أو الانفصال. و الإحساس باليأس وفقدان الرغبة في الحياة.
  •  الخطر الجسدي و يكون في بعض الحالات، قد يؤدي الإحساس بفقدان الاتصال بالواقع إلى قرارات خطيرة مثل: التصرف بطرق قد تعرض المريض أو الآخرين للخطر. وزيادة خطر التفكير في الانتحار أو إيذاء النفس نتيجة للشعور بالعجز.
  • ضعف المهارات الاجتماعية والمهنية مثل فقدان الثقة في النفس عند التعامل مع الآخرين. ومواجهة صعوبات كبيرة في الحفاظ على وظيفة مستقرة أو تحقيق أهداف مهنية.

أهمية التدخل المبكر

للتقليل من تأثير هذه العوامل والمضاعفات، يُنصح بالبحث عن علاج متخصص مبكرًا. يشمل العلاج عادةً:
العلاج النفسي: مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) الذي يهدف إلى تعزيز الوعي الذاتي وتقليل مشاعر الانفصال.
الأدوية: مثل مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق، التي يمكن أن تساعد في تقليل الأعراض.
الدعم الاجتماعي: من خلال المشاركة في مجموعات الدعم أو التحدث مع أشخاص مروا بتجارب مشابهة.
التعامل مع هذا الاضطراب يتطلب فهمًا عميقًا لحالته ومصادر الدعم النفسي والاجتماعي المناسبة.

الخاتمة

في الختام، يُظهر اضطراب الآنية والآنية الجسدية جانبًا معقدًا من التجربة الإنسانية عندما يتعطل الإحساس بالذات أو الجسد. كلاهما يسلطان الضوء على هشاشة التوازن النفسي بين العقل والجسد وتأثير العوامل النفسية والبيولوجية في تشكيل إدراكنا لأنفسنا.

من وجهة نظري، هذه الحالات تذكّرنا بأهمية الاهتمام بالصحة النفسية والبحث عن الدعم المهني عند الشعور بالانفصال أو التشتت الداخلي. على الرغم من أن الأعراض قد تبدو غامضة أو مربكة، فإن الفهم الجيد للحالة والسعي للعلاج يفتح الباب أمام استعادة الانسجام الداخلي والعودة إلى حياة متوازنة. تعزيز الوعي المجتمعي بهذه الحالات أمر ضروري لتقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالصحة النفسية وتوفير بيئة داعمة للأفراد الذين يعانون من مثل هذه التجارب.

المصادر و المراجع

.ويب طيب بتصرف.
مطمئنة بتصرف.

- المقالة السابقة
لايوجد تعليقات
    إضافة تعليق
    comment url