الإنفلونزا: الوقاية والعلاج لموسم صحي وآمن

مفهوم الإنفلوانزا

الإنفلونزا هي مرض معدٍ يصيب الجهاز التنفسي، ويتسبب فيه نوع معين من الفيروسات التي تنتقل بسهولة بين الأفراد. يمكن أن تؤثر الإنفلونزا على الأنف، الحنجرة، والرئتين، مما يؤدي إلى مجموعة من الأعراض التي تتفاوت شدتها بين الخفيفة والحادة. وعلى الرغم من أن المرض غالبًا ما يتحسن تلقائيًا، إلا أنه قد يصبح مهددًا للحياة في بعض الحالات، خاصة بين الأشخاص الأكثر عرضة للمضاعفات. الإنفلونزا تختلف عن "إنفلونزا المعدة" التي تسبب الإسهال والقيء، حيث تركز أعراضها على الجهاز التنفسي بشكل أساسي.

الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الإنفلونزا

بينما يمكن أن يصاب أي شخص بالإنفلونزا، فإن بعض الفئات أكثر عرضة لخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة قد تتطلب العلاج في المستشفى. تشمل هذه الفئات الأطفال الصغار، وخاصة الرضع دون سن 12 شهرًا، الذين لم تتطور أجهزتهم المناعية بشكل كامل بعد. كما تعتبر النساء الحوامل أو من أنجبن حديثًا معرضات لمضاعفات الإنفلونزا بسبب التغيرات التي تحدث في الجهاز المناعي أثناء الحمل.

بالإضافة إلى ذلك، يواجه كبار السن، الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، خطرًا متزايدًا نظرًا لضعف جهاز المناعة مع التقدم في العمر. كما أن الأشخاص الذين يعيشون في مرافق مكتظة بالسكان، مثل دور رعاية المسنين أو المستشفيات أو الثكنات العسكرية، أكثر عرضة للإصابة نتيجة الاتصال الوثيق مع الآخرين. ومن ناحية أخرى، فإن الأفراد ذوي البشرة السمراء، أو المنحدرين من سكان ألاسكا الأصليين والهنود الحمر، قد أظهرت الدراسات أنهم معرضون لخطر أكبر للإصابة بمضاعفات خطيرة.

كيف تنتقل العدوى

ينتقل فيروس الإنفلونزا بسرعة من شخص إلى آخر عبر الهواء، وذلك عن طريق الرذاذ الذي يخرج أثناء السعال، العطس، أو التحدث. يمكن استنشاق هذا الرذاذ مباشرةً، مما يؤدي إلى الإصابة بالعدوى، أو قد يتم التقاط الفيروس عن طريق لمس الأسطح الملوثة بالرذاذ الفيروسي، مثل مقابض الأبواب أو لوحات المفاتيح، ثم لمس العينين، الأنف، أو الفم.

تبدأ فترة العدوى من اليوم السابق لظهور الأعراض وتستمر حتى 5 إلى 7 أيام بعد بداية الأعراض. وقد تمتد هذه الفترة عند الأطفال أو الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة. ومع التغير المستمر في سلالات فيروس الإنفلونزا، قد يكون من الصعب تحقيق المناعة طويلة الأمد، حيث يمكن أن تظهر سلالات جديدة تختلف تمامًا عن تلك التي سبق أن تعرض لها الجسم.

الأعراض الشائعة للإنفلونزا

تتشابه أعراض الإنفلونزا في البداية مع أعراض نزلات البرد، مثل سيلان الأنف والعطس والتهاب الحلق، ولكنها تظهر بشكل أسرع وتكون أشد حدة. الأعراض الأكثر شيوعًا تشمل الحمى المرتفعة، والتي غالبًا ما تكون مصحوبة بقشعريرة وآلام شديدة في العضلات. بالإضافة إلى ذلك، يعاني المصابون من صداع مستمر وسعال جاف قد يستمر لفترة طويلة.

كما تشمل الأعراض الأخرى الشعور بالإرهاق العام والضعف، واحتقان الأنف أو انسداده، والتهاب الحلق، وآلام العينين. وفي بعض الحالات، قد يعاني المرضى من القيء والإسهال، إلا أن هذه الأعراض تكون أكثر شيوعًا بين الأطفال مقارنة بالبالغين. الأعراض الحادة قد تستمر لعدة أيام، لكن الشعور بالإرهاق قد يستمر لأسابيع.

الوقاية من الإنفلونزا و العلاج

الوقاية

الوقاية من الإنفلونزا تعتمد بشكل أساسي على اللقاحات السنوية، التي صُممت لتوفير الحماية ضد أكثر السلالات شيوعًا. على الرغم من أن فعالية اللقاح ليست 100%، إلا أنه يساهم بشكل كبير في تقليل خطر الإصابة بالمضاعفات الخطيرة. يُنصح الأشخاص الأكثر عرضة للخطر، مثل كبار السن والحوامل والمصابين بأمراض مزمنة، بتلقي اللقاح بانتظام.

العلاج

عند الإصابة بالإنفلونزا، يمكن لمعظم المرضى التعافي في المنزل من خلال الراحة التامة، تناول السوائل بكثرة، واستخدام الأدوية التي تخفف من الأعراض، مثل مسكنات الألم ومخفضات الحرارة. في حالات المرض الشديد أو عند ظهور أعراض خطيرة، يُنصح بمراجعة الطبيب فورًا للحصول على العلاج المناسب، الذي قد يشمل الأدوية المضادة للفيروسات.

متى يجب طلب الرعاية الطبية؟

على الرغم من أن أغلب حالات الإنفلونزا لا تتطلب علاجًا طبيًا متخصصًا، إلا أن هناك حالات تستدعي التدخل الطبي الفوري. تشمل هذه الحالات صعوبة في التنفس، ألم في الصدر، دوار مستمر، أو تفاقم حالات مرضية موجودة مسبقًا. عند الأطفال، يجب الانتباه إلى أعراض إضافية مثل تحول لون الشفاه أو الأظافر إلى الأزرق أو الرمادي، وعلامات الجفاف، مثل قلة التبول. تعتبر زيارة الطبيب ضرورية أيضًا للأشخاص المعرضين لخطر كبير بسبب الأمراض المزمنة أو ضعف الجهاز المناعي. يساعد العلاج المبكر بالأدوية المضادة للفيروسات في تقصير مدة المرض وتقليل خطر المضاعفات.

عوامل خطر الإصابة بالإنفلونزا

تُعدّ الإنفلونزا مرضًا معديًا يمكن أن يصيب أي شخص، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بها أو تجعل الشخص أكثر عرضة للمضاعفات. وفيما يلي العوامل الرئيسية بالتفصيل: 

العمر

الأطفال الصغار سن الخامسة، وخاصة الرضع أقل من سنتين، معرضون بشكل خاص لمضاعفات الإنفلونزا بسبب عدم اكتمال نمو جهازهم المناعي. أما الأشخاص الذين تجاوزوا 65 عامًا يواجهون خطرًا متزايدًا بسبب ضعف المناعة مع تقدم العمر.

الحالات المرضية المزمنة

  • أمراض الجهاز التنفسي: مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن.
  • أمراض القلب: كفشل القلب الاحتقاني أو مرض الشريان التاجي.
  • السكري: يزيد السكري من خطر المضاعفات نظرًا لتأثيره على الجهاز المناعي.
  • أمراض الكلى والكبد: تؤدي هذه الأمراض إلى ضعف عام في صحة الجسم.
  • الأمراض العصبية: مثل اضطرابات الجهاز العصبي أو التشنجات، مما قد يجعل من الصعب التعامل مع العدوى.

ضعف الجهاز المناعي

الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة نتيجة حالات مثل:

  • الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV).
  • السرطان والعلاجات المرتبطة به، مثل العلاج الكيميائي.
  • الأدوية المثبطة للمناعة، مثل تلك التي تُستخدم بعد زراعة الأعضاء.

الحمل وفترة ما بعد الولادة

النساء الحوامل أو من أنجبن حديثًا أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات الإنفلونزا بسبب التغيرات الهرمونية والجهاز المناعي أثناء الحمل.

العيش في أماكن مكتظة

الأفراد الذين يعيشون في دور رعاية المسنين، الثكنات العسكرية، السجون، أو الأماكن المزدحمة الأخرى هم أكثر عرضة للإصابة بسبب الاتصال الوثيق مع الآخرين.

 السلوكيات وأسلوب الحياة

التدخين يضعف الجهاز التنفسي، مما يزيد من خطر الإصابة بالإنفلونزا.و كذا عدم الحصول على لقاح الإنفلونزا السنوي.

مضاعفات الإنفلونزا

قد تتطور الإنفلونزا إلى مشاكل صحية خطيرة، خصوصًا لدى الفئات الأكثر عرضة. تشمل المضاعفات المحتملة ما يلي:

 التهابات الجهاز التنفسي العلوي والسفلي

التهاب الجيوب الأنفية: قد يؤدي فيروس الإنفلونزا إلى انسداد الجيوب الأنفية والتهابها.
التهاب الأذن الوسطى: شائع بين الأطفال المصابين بالإنفلونزا.
التهاب الشعب الهوائية: يمكن أن يسبب السعال المزمن وضيق التنفس.
الالتهاب الرئوي: يُعد من أخطر المضاعفات، وقد يكون فيروسيًا أو نتيجة عدوى بكتيرية ثانوية.

تفاقم الأمراض المزمنة

أمراض القلب: يمكن أن تؤدي الإنفلونزا إلى نوبات قلبية أو تفاقم قصور القلب.
الربو: قد تصبح نوبات الربو أكثر حدة وتكرارًا.
داء السكري: قد تؤدي العدوى إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل خطير.

مشاكل الجهاز العصبي

التهاب الدماغ: يمكن أن يسبب الفيروس التهابًا في أنسجة الدماغ، مما يؤدي إلى صداع حاد، تشنجات، أو حتى غيبوبة.
التهاب النخاع الشوكي: نادر ولكنه خطر.

متلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS)

هي حالة تهدد الحياة، حيث تتراكم السوائل في الرئتين، مما يمنع الجسم من الحصول على كمية كافية من الأكسجين.

 الوفاة

في الحالات الشديدة، خاصة لدى الفئات الضعيفة صحيًا، قد تؤدي الإنفلونزا إلى الوفاة نتيجة للمضاعفات، مثل الالتهاب الرئوي الحاد أو قصور الأعضاء المتعدد.

مضاعفات الحمل

الإجهاض أو الولادة المبكرة: نتيجة الضغط الشديد على جسم الأم أثناء المرض.
انخفاض الوزن عند الولادة: قد يتأثر الجنين إذا كانت الأم تعاني من إنفلونزا شديدة أثناء الحمل.

العدوى البكتيرية الثانوية

بعد الإصابة بالإنفلونزا، قد يصبح الجهاز المناعي ضعيفًا، مما يسمح للبكتيريا بالتسبب في التهابات أخرى مثل التهاب الحلق البكتيري أو الالتهاب الرئوي البكتيري.

فهم عوامل الخطر ومضاعفات الإنفلونزا أمر بالغ الأهمية للوقاية من المرض والتعامل معه بفعالية. الفئات الأكثر عرضة للخطر يجب أن تتخذ تدابير إضافية، مثل التطعيم السنوي والمتابعة الطبية عند ظهور الأعراض.

أسباب الإصابة بالإنفلونزا

الإنفلونزا مرض فيروسي معدٍ يسببه أحد فيروسات الإنفلونزا التي تنتقل بسهولة بين البشر. تنقسم الأسباب إلى ثلاثة محاور رئيسية: الفيروس نفسه، طرق انتقاله، والعوامل التي تهيئ للإصابة.

الفيروس المسبب للإنفلونزا

تنجم الإنفلونزا عن فيروسات الإنفلونزا من الأنواع الثلاثة الرئيسية:
  • الإنفلونزا A: تُعدّ الأكثر شيوعًا وتسبب الأوبئة الموسمية، ويمكن أن تصيب البشر والحيوانات.
  • الإنفلونزا B: تصيب البشر فقط وتسبب أوبئة موسمية أصغر مقارنة بالإنفلونزا A.
  • الإنفلونزا C: أقل شيوعًا وتسبب أعراضًا خفيفة أو معتدلة.

يتميّز الفيروس بقدرته على التحوّر بشكل مستمر، مما يجعل جهاز المناعة غير قادر على التعرّف عليه بسرعة، وهو ما يفسر الحاجة إلى لقاح سنوي محدث.

 طرق انتقال الإنفلونزا

يُعتبر الرذاذ الناتج عن العطس أو السعال أو حتى التحدث الطريقة الأساسية لانتقال الفيروس. حيث يمكن أن ينتقل الفيروس إلى مسافة تصل إلى مترين. كذلك
عند مصافحة شخص مصاب أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس مثل مقابض الأبواب أو الهواتف ثم لمس الفم، الأنف، أو العينين. أيضا من أسباب الإصابة بالإنفلونزا التواجد في التجمعات الكبيرة، وسائل النقل العامة، أو الأماكن المغلقة تساهم في سرعة انتشار الفيروس.

رغم أن البرد لا يسبب الإنفلونزا مباشرة، إلا أن انخفاض درجات الحرارة يُسهّل انتشار الفيروس نتيجة بقاء الناس في أماكن مغلقة.










الانتقال إلى مناطق تشهد تفشيًا للفيروس أو احتكاك مع مسافرين من مناطق مختلفة يزيد من خطر التعرض للفيروسات الجديدة.

نصائح لاجتناب الإصابة بالإنفلونزا

  • غسل اليدين بانتظام.
  • تجنّب لمس الوجه بعد ملامسة الأسطح.
  • ارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة.
  • أخذ اللقاح الموسمي للإنفلونزا.
  • الابتعاد عن الأشخاص المصابين بالإنفلونزا.

الخاتمة

الإنفلونزا مرض شائع لكنه قد يكون خطيرًا في بعض الحالات. الوقاية من خلال اللقاحات السنوية والنظافة الشخصية هما أهم السبل لتجنب العدوى. كما أن معرفة الفئات الأكثر عرضة للخطر والأعراض التي تتطلب التدخل الطبي يمكن أن يقلل من مخاطر المضاعفات ويحسن من نتائج العلاج. في رأيي الإنفلونزا عدوى فيروسية شائعة تصيب الجهاز التنفسي، وغالبًا ما تكون خفيفة لدى الأصحاء، لكنها قد تسبب مضاعفات خطيرة للفئات الضعيفة مثل كبار السن والأطفال. الوقاية تشمل النظافة الشخصية، تقوية المناعة، وأخذ اللقاح السنوي. العلاج يعتمد على الراحة، شرب السوائل، وعلاج الأعراض، مع استخدام مضادات الفيروسات عند الحاجة. الاهتمام والوقاية هما المفتاح لتجنب آثارها.

المراجع 

مايو كلينيك بتصرف.

- المقالة التالية - المقالة السابقة
لايوجد تعليقات
    إضافة تعليق
    comment url