التعاسة: حين يفقد القلب بوصلة السعادة

نظرة عامة

التعاسة: حين يفقد القلب بوصلة السعادة

 التعاسة هي حالة نفسية عاطفية، تعرف هذه الحالة باخفاض المزاج المزمن، وفقدان الاهتمام وانعدام الحافز. تسمى أيضا متلازمة التعاسة و هي نوع فرعي أخف من الاكتئاب بقليل .يمكن لانخفاض المزاج الذي  أن يستمر لمدة عامين على الأقل. وغالباً ما يفقد الشخص اهتمامه بما يحب، ويعاني من انخفاض الطاقة ومشاكل في النوم، وقد يواجه أيضا صعوبة في الأنشطة اليومية.  تؤثر متلازمة التعاسة سلبًا على جودة حياة الشخص وقد تتطلب علاجًا خاصا.

يمكن أن تكون متلازمة التعاسة سابقة لمرض الاكتئاب، و هو أكثر خطورة  منها،  يشمل العلاج غالباً علاجا نفسيا أو بالأدوية

متى يفقد القلب بوصلة السعادة؟

إنها حالة نفسية تتسم بشعور مستمر بعدم الرضا والحزن، مهما كانت ظروف حياة المريض إيجابية ، حيث يعاني الشخص المصاب من صعوبة استشعار السعادة و صعوبة الاستمتاع باللحظات الجميلة، حيث يكون تركيزه منطويا بشكل أكبر على الجوانب السلبية، و الأشياء التي تنقصهم.  قد تكون هذه الحالة ناتجة لمقارنات مستمرة بالآخرين، مما يؤدي إلى الشعور بالإحباط والقلق. تتأزم هذه الحالة أيضا بسبب غياب الامتنان وعدم تقدير النعم الموجودة في حياته

 أعراض متلازمة التعاسة

تتمثل أعراض التعاسة في ما يلي:

الغم والأسى:

 حيث يشعر الشخص المصاب  بمزاج منخفض،و مستمر أو يشعر بالقلق لفترة طويلة من الزمن تصل لمدة عامين على الأقل.

اللامبالاة و فقدان التركيز

يصبح الشخص غير مهتم بالأنشطة أو الهوايات التي كان يستمتع بها. لم تعد تعني له شيئا، وجودها و عدمها نفس الشيء، كما قد قد تظهرلدى الشخص مشاكل في الانتباه  مثل صعوبة التركيز الذهني وصعوبة في اتخاذ القرارات ومشاكل في الذاكرة.

الإرهاق والأرق 

 يشعر الأشخاص المصابون بمتلازمة التعاسة بالتعب والوهن. و لا يستطيعون القيام حتى ب أبسط الأنشطة اليومية، كما قد يعاني الشخص المصاب من مشاكل النوم مثل  الإفراط في النوم أو الأرق الليلي و يشعر بصعوبة في التحكم في  نومه.

تغيرات الشهية

 قد يترافق مع زيادة مفرطة في الشهية أو فقدانها لذلك، يمكن ملاحظة تغيرات في الوزن.

العزلة الاجتماعية

 يقلل الشخص بشكل متكرر من علاقاته الاجتماعية مع الأصدقاء أو العائلة أو قد يصبح منعزلاً. يشيع سلوكيات التجنب والانسحاب من الأنشطة الاجتماعية.

أسباب متلازمة التعاسة

غياب الهدف

مغالبا ما يكون الشخص تعيسا بسبب عدم وجود أهداف قابلة للتنفيذ في حياته، أو تنفيذه لعمل ما أو هواية ،  لأن هذه الأمور تزيد من لذة الحياة و التشويق و حب العمل و اتقانه . ولذلك فإن التعاسة تتمثل في التخلص من كل الأهداف التي تظهر عليها بوادر الطموح أو التحقق القريب

الشعور المفرط بالذنب

يحمل المصاب نفسه  ذنب الفشل  دائما سواء الخاصة به ، أو فشل البيئة المحيطة به ، و هذا أمر خطير جدا، مما يصيب نوبات جلد الذات.

الهروب من الواقع

هو العيش في الوهم ، يعد المصاب نفسه بأحلام وهمية ليس لها علاقة بحياته و يصعب تحقيقها

سوء التغذية و التدخين

أكثر ما يساعد في الوصول إلى التعاسة ، هو التدخين والعادات غير الصحية في الأكل، خاصة الوجبات السريعة والمشروبات الغازية و الحلويات التي تؤثر بشكل سلبي على كفاءة الجسم. لذلك عليك اتباع حمية غذائية سليمة.

عدم انتظام النوم

تناول الطعام  في ساعات مختلفة كلّ يوم، وعدم وضع مواعيد محددة للنوم والنوم المتأخر ولساعات قليلة جداً أو كبيرة جداً من أهم أسباب التعاسة.

الخمول

تساعدك التمارين الرياضية على تحفيز إفراز هرمونات الأندورفين في الدماغ، مما يحسّن من مزاجك ويساعدك على النوم بشكل أفضل، وفي حالة غياب الرياضة يسيطر الشعور بفقدان الطاقة وهو من علامات التعاسة.

الجلوس المستمر أمام الشاشات

 شاشة ألعاب الفيديو، أو الهاتف الذكي ، اليوتيوب، أو مسلسلات وأفلام، فقضاء وقت طويل عليها من أسباب التعاسة، ومن علامات ذلك الشعور بالألم في العينين أو الرأس أو الرقبة.

عدم التواصل

عدم التواصل الإنساني بين البشر مع بعضهم. البعض يجلب الشعور بالوحدة  ثم التعاسة.

المراوغة و التبرير

تتمثل في عدم مواجهة الشخص لأخطائه وسلبياته، وخلق أعذار لأي فشل يقوم به أو إلقاء اللوم على غيره، فتلك الأشياء من مؤشرات التعاسة.

حب التعاسة

هناك من يحب التعاسة و يستمتع بدور الضحية والفشل في حياته ، و هذا الأمر الذي يجلب مزيداً من التعاسة وصعوبة الخروج من تلك الدائرة.

الوقاية من التعاسة

يتمثل الوقاية من متلازمة التعاسة في اتباع هذه النصائح :

تحديد هدف في الحياة:

إن أردت السعادة وإعطاء قيمة لحياتك، فحدد هدفك؛ وهذا يجعلك تعمل ، وتشعر بالغاية من وجودك.

القناعة :

الرضى هو من  أهم مفاتيح السعادة ، لذا يجب عليك أن تقتنع بحياتك وترضى بما لديك، مع الرغبة والسعي الدائم إلى التحسين نحو الأفضل.

الإعتماد الذاتي:

بمعنى لا تُقيِّم نفسك بناءً على أراء وكلام الآخرين عنك، ولا تسمح لهم بإحباطك أو زعزعة ثقتك بنفسك.

الإبتعاد عن السلبيين:

ابنِ حاجزاً بينك وبين الأشخاص السلبيين المُحبِطين لمَن حولهم، أعداء النجاح ،حتى لا تنعدي بمشاعرهم السلبية.

ابحث عن شغفك:

لن تعرف السعادة، حتى تبحث عن شغفك وتمارسه، فقد يكون شغفك في السفر، أو العزف، أو الرسم، أو ممارسة مهنة ما، شغفك يحميك من التعاسة.

الإستقلالية الداخلية:

حرِّر داخلك وأطلق العنان لمشاعرك، عبِّر عن حبك، وفرحك، وغضبك، وحزنك، لا تقيِّد نفسك بقيود الخوف أو الخجل.

عش اللحظة:

تحرَّر من الماضي والمستقبل، وكن حاضراً في اللحظة، فلا أنت قادر على تغيير الماضي ولا توقُّع المستقبل.

المشاركة:

لا تكن شخصاً وحيداً، اجعل نفسك محاطاً بالأقارب والأصدقاء، وشارك لحظاتك فرحك وحزنك وحتى طعامك معهم؛ حيث توصَّلت إحدى الدراسات التي قامت بها "جامعة أكسفورد" إلى أنَّ تناول الشخص للطعام دون مشاركة أحد له، يُشكِّل سبباً رئيساً من أسباب التعاسة.

المغامرة:

لا تترك الرتابة والمللِ يُسيطران على حياتك  ، جرِّب أشياء جديدة، واكسر روتين حياتك، سافر ، وتعرَّف على أناس جدد.

تطور :

لا تُهمل نفسك؛ بل اسعَ إلى تطوير ذاتك باستمرار، واكتساب مهارات جديدة؛ فهذا يوسِّع آفاقك، ويجعلك تشعر بالرضى عن نفسك.

الثقة بالنفس:

لكل شخص منا ما يميزه عن غيره، فقد تنجح أنت في هذا الأمر، وينجح غيرك في ذاك؛ لذا ركز على نفسك وطوِّرها، ولا تنظر إلى غيرك أو تقارن نفسك به.

التسامح :

حرر نفسك من مشاعر الحقد والكراهية، واستبدلها بمشاعر الصفح والتسامح، حتى تحصل على السلام الداخلي وتتجنَّب التعاسة.

الإيجابية:

كن متفائلاً وفكِّر بإيجابية، وانظر إلى نصف الكأس الملآن، وتجاوز الفشل والأخطاء، وانظر إليها على أنَّها دروسٌ تتعلَّم منها.

اتَّبع نمط حياة صحي:

اتَّبع نمط حياة صحي من غذاء صحي وممارسة الرياضة والنوم لساعات كافية؛ فهذا يجعلك مرتاحاً جسدياً ونفسياً.

الإبتسامة: 

اجعلها عادة لك و الضحكة  تعلو وجهك مهما كانت الظروف؛ وذلك لأنَّها تحرِّرك من المشاعر السلبية، وتعود عليك بمحبة من الآخرين.

خاتمة

في الختام، متلازمة التعاسة تعكس تحديات نفسية شائعة في عصرنا الحالي، حيث يعاني العديد من الأشخاص من مشاعر دائمة بعدم الرضا رغم توفر مقومات السعادة. تتطلب مواجهة هذه الحالة العمل على تحسين التفكير الإيجابي، والابتعاد عن المقارنات الاجتماعية، وتقدير النعم الصغيرة في الحياة.السعي لتحقيق التوازن النفسي والرضا الذاتي هو خطوة ضرورية لتحسين جودة الحياة.
وأنا أعتقد أن متلازمة التعاسة هي نتيجة طبيعية للضغوط المجتمعية الحديثة، مثل السعي وراء الكمال أو المقارنة المفرطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. من المهم أن يتبنى الأفراد ممارسات تعزز الامتنان والوعي الذاتي، مثل التأمل أو تخصيص وقت للتركيز على النجاحات الشخصية بدلًا من السلبيات.

كلمات مفتاحية
متلازمة التعاسة، الرضا النفسي، التفكير الإيجابي، المقارنة الاجتماعية، الامتنان، الصحة النفسية، جودة الحياة.
المصادر و المراجع : العربية .نت بتصرف ، سيدتي بتصرف ، مايو كلينيك بتصرف.


- المقالة التالية - المقالة السابقة
لايوجد تعليقات
    إضافة تعليق
    comment url