الصلاة: أنواعها، أحكامها، وأجورها العظيمة التي تغيّر حياتك
تعريف الصَلاة
كلمة "الصلاة" في اللغة العربية يعود إلى "الصَّلوَين"، وهي جمع "صَلا"، وتشير إلى عِرقين موجودين في جانبي القدم ينحنيان أثناء الركوع والسجود. وللكلمة في اللغة عدة معانٍ، أبرزها الدعاء، كما ورد في الحديث الشريف: "إذا دُعي أحدكم فليُجب، فإن كان صائمًا فليصلِّ"، أي يدعو لهم. وعندما تُذكر الصلاة مقرونة بالله سبحانه وتعالى أو بالملائكة، فإنها تحمل معنى الرحمة من الله، واستغفار الملائكة، كما في قوله تعالى:(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ). وقد تأتي بمعنى الثناء والمدح، كما في قوله تعالى: (أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ). أما في الاصطلاح، فالصلاة هي مجموعة من الأقوال والأفعال المخصوصة التي تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم
الصلاة هي عبادة عظيمة في الإسلام، تحمل معاني الدعاء والخضوع لله، وتعمل على تزكية النفس، وتنظيم حياة المسلم اليومية. وهي الفريضة الوحيدة التي فُرضت في السماء ليلة الإسراء والمعراج، مما يبرز مكانتها العالية.
فرض الله على المسلمين الصلاة، لتكون وسيلة للتواصل معه وتزكية للنفس وتهذيبها. قال الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة: 43]، ولصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عبادة تجمع بين الأقوال والأفعال المخصصة التي تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم. فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين وجعلها وسيلة للتواصل معه مباشرة، ولها مكانة خاصة بين العبادات، إذ قال النبي محمد ﷺ: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد".
حكم الصلاة وأهميتها
فرض الله الصلاة على المسلمين خمس مرات يوميًا: الفجر، الظهر، العصر، المغرب، والعشاء، وهي واجبة على كل مسلم بالغ عاقل، ولا تسقط إلا بعذر شرعي. قال الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة 43]. كما أن الصلاة هي أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت صلح سائر العمل، وإن فسدت فسد سائر العمل.
الحكمة من مشروعية الصلاة
فضل الصلاة وأثرها في حياة المسلم
للصلاة فضل عظيم في حياة المسلم، فهي مصدر للطمأنينة والسكينة. قال النبي ﷺ: "أرحنا بها يا بلال". وهي سبب لمغفرة الذنوب، وقرب العبد من ربه، حيث قال ﷺ: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء".
مكانة الصلاة في الإسلام
تُعدُّ الصَّلاة آكد وأهمّ الفُروض والواجبات في الإسلام بعد الشَّهادتين، وواحدةٌ من أركانِ الإسلامِ الخَمسة؛ قال الرَّسولﷺ : "بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ"، وتُعدَّ الصَّلاة في الإسلام واحدةٌ من أهمِّ العِبادات على الإطلاق، ولها مكانةٌ مُمَّيزةٌ تكادُ تَنفرد بها عن بَاقي العبادات؛ فَهي عِماد الدِّين وقَوامُه الذي لا يقوم إلا به. ففي الحَديث الشَّريف يَقول الرَّسولﷺ :" رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُهُ الصَّلاةُ، وذروةُ سَنامِهِ الجِهادُ "، وهي أولى العِبادات التي فَرضها الله -سُبحانه وتعالى- على عِباده، وأوَّل ما يُحاسب عليه العَبد يوم القيامة. كما قال الرَّسولﷺ : "إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه، فإن صَلُحَتْ فقد أَفْلَحَ وأَنْجَح، وإن فَسَدَتْ فقد خاب وخَسِرَ". وتحُثُّ الصَّلاة على ترك الفَحشاء والمُنكر، وفي هذا التَّرابط بين أداء الصَّلاة والابتعاد عن المُنكرات دليلٌ واضحٌ على أهمِّيتها ومدى تأثيرها على إيمان المُسلم وعَمله، حيث يقول الله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ)، [العنكبوت 45]، كما أنَّها آخِر وصَايا الرَّسولﷺ ، وآخرُ ما يُفقد من الدِّين؛ فإن ضَاعت ضاع الدِّين كلُّه، وهذا إن دلَّ على شيءٍ، فهو يدُلُّ على المَكانة العظيمة للصَّلاة في الإسلام.
تاريخُ فرضِ الصَّلاة
فُرضَت الصَّلاة على النَّبيﷺ في ليلة الإسراء؛ فقد رَوى أنس بن مالك -رضي الله عنه:"فُرِضَتْ عَلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ليلةَ أُسرِيَ بِه الصَّلواتُ خَمسينَ، ثُمَّ نَقصَتْ حتَّى جُعِلَتْ خَمسًا، ثُمَّ نودِيَ: يا محمَّدُ: إنَّهُ لا يُبَدَّلُ القولُ لديَّ، وإنَّ لَكَ بِهذِهِ الخمسِ خَمسينَ"، وقد فُرضت الصَّلاة على الرَّسول ﷺ بالتَّحديد في ليلة الإسراء و المعراج، أي عندما صَعد النَّبيﷺ إلى السَّماء. وقد تميَّزت الصَّلاة بطريقَة فرضيَّتها عن باقي العِبادات؛ إذ إنَّها فُرضت في السَّماء لا في الأرض، وبعد أن التقى النَّبي ﷺ بالأنبياء في السَّموات السَّبع، وبعد أن غُسّل قلبُ النَّبي ﷺ بماء زَمزم، كأنَّ في ذلك إشارة إلى ما يسِبق الصَّلاة من الطَهارة. كما أنَّ الرَّسول ﷺ خلال عُروجه إلى السَّماء رأى المَلائكة وهم في حَال التَّعبُّد. فمنهم القائِم، ومنهم الراكعَ، ومنهم السَّاجد، وجُمعت أصَناف هذه العَبادات جَميعها في هيئة الصَّلاة التي فُرضت عليه في أثناء هذه الرِّحلة المُقدَّسة. ويَجدر الإشارة إلى أنَّ الصَّلاة فُرضت من قبل الله -سُبحانه وتعالى- على نبيِّهﷺ مباشرةً؛ أي بدون واسطة، فدلَّ كلُ ذلك على عِظم الصَّلاة ومكانَتها، وتفرُّدها عن باقي العِبادات في الإسلام.
الصَّلاة أوَّل البِعثة
يَمتاز التَّشريع في الإسلام بمُميِّزاتٍ عديدة؛ ولعلَّ أبرَزها واقعيَّته وصَلاحيته لكل زمانٍ ومكانٍ، وممَّا جعله مميّزاً في ذلك مَبادئ عديدة، منها التَّدرُج في التَشريع؛ حيث جَاء التَشريعُ في بعض العبادات بصورةٍ مُعيَّنة لتُناسب أَحوال النَّاس وظُروفهم، أو لِرفع الحَرج عنهم، وبعدها تمَّ الانتقال إلى الصُّورة النَّهائيَّة من العِبادة. ومن هذه العِبادات التي تمَّ تَشريعها بالتَدريج عبادة الصَّلاة؛ حيث إنَّ الصَّلاة فُرِضت في بادئ الأمر على شَكل صَلاتين اثنتين فقط؛ واحدةٌ في الغُدوّ وواحدةٌ في العَشيّ، وفي كل صَّلاة منها رَكعتان، أي أنَّ المَجموع أربعُ رَكعاتٍ في اليومِ والليلة، واستمرّ هذا الشَّكل حتى نهاية العام العَاشر للبِعثة. وبعدها فُرضت الصَّلاة بَشكلها النِّهائي والدَّائم كما هي الآن؛ خَمسُ صَلوات في اليومِ والليلة، فعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها- قالَتْ: (فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، في الحَضَرِ والسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وزِيدَ في صَلَاةِ الحَضَرِ). ويُعدُّ هذا الأسلوب في التَّدرُج واحدٌ من الأُسس التَربويَّة والتي تَقوم على الابتداء بالأسهل ثم الانتقال إلى الأصعب، وذلك مُراعاةً للطَّبيعة البشريِّة، ولِتهيئة النُّفوس على استقبال التَشريع بتيسيرةء، ولضمان الاستمرار في تطبيقه على المدى البعيد.
أول صلاة صلاها النبي
بدأ النَّبيﷺ في أداء فريضة الصَّلاة في اليوم الذي تَلا ليلَة الإسراء؛ أي بعد أن فُرضت عليه الصَّلاة، وكانت أولَ صَلاةٍ قام الرَّسولﷺ بأدائِها صَلاة الظّهر، وقد أمَّهٌ جبريل بها، ولذلك تُسمَّى صلاة الظُهر بالصَّلاة الأولى؛ لأنَّها كانت أوَّل صَلاة صلاَّها جبريل بالنَّبيﷺ وتجدُر الإشارة إلى أنَّ صلاة الفَجر ليست الصلاة الأولى التي أدّاها النبيّ؛ وذلك لأنَّ افتراض الصَّلاة والتَّكليف بأدائِها يَحتاج إلى بيان لمَعرفة كيفيَّة تطبيقها؛ ولم يكن هذا حاصلاً في صلاة الفَجر، ولا يُطالب المُكلَّف بالعبادة قبل بَيانها. وأمَّا بعد البيان فُيطالب بأدائها، وهذا ما حصل في صَلاة الظهر؛ حيث قام جبريل بتعليم النَّبي ﷺ الأوقاتَ الخاصَّة بكل صَلاة وكيفيَّتها وأمَّه بصلاة الظهر، فكانت بذلك أولَ صلاة تُؤدّى بعدَ البيان.
حكمةٌ مَشروعيَّة الصَّلاة
فُرضت الصَّلاة لحكمٍ عديدة وفوائدَ عظيمة، وفيما يأتي ذكر بعضها:
تُمثِّلُ الصَّلاة صِلة العبد بربِّه، فهي الوَسيلة التي يَتواصلُ فيها العبد بربّه ليشكو إليه بثَّه وما أهمَّه، وليُناجي ربَّه -سبحانه وتعالى-، فينشرِح بذلك صَدره، ويطمئنُّ قلبُه.
الصَّلاة نُورٌ يَهدي به الله -سُبحانه وتعالى- عباده إلى البرِّ والحقِّ، ويَنهاهُم عن الفَحشاء والمُنكر والمَعاصي
أنواع الصلاة في الإسلام
الصلاة في الإسلام لها أنواع متعددة تشمل الفريضة التي هي واجبة على كل مسلم بالغ عاقل، وهي الصلوات الخمس اليومية التي تمثل الركن الثاني من أركان الإسلام. إلى جانب ذلك، توجد صلوات نوافل تُؤدَّى تطوعًا مثل السنن الرواتب، وصلاة الضحى، والقيام. كما تشمل صلاة الجمعة التي تُقام جماعة كل أسبوع، وصلاة العيدين المرتبطة بالمناسبات الدينية، وصلاة الجنازة التي تُؤدَّى لطلب الرحمة للميت. بالإضافة إلى ذلك، هناك صلوات خاصة مثل صلاة الاستخارة عند اتخاذ القرارات، وصلاة الاستسقاء عند طلب نزول المطر، وصلاة الكسوف والخسوف التي تُؤدَّى عند حدوث هذه الظواهر الكونية. و هذه أنواع الصلاة بالتفصيل:
الصلوات المفروضة
فُرضت الصَّلاة على النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في ليلة الإسراء كما تقدَّم سابقاً، وفي البداية فَرض الله -سبحانه وتعالى- خَمسين صَلاة في اليومِ واللَّيلة، ثمَّ خفَّفها إلى خمس صَلوات في العَدد وخَمسين في الأجر، رَحمةً بعباده وتخفيفاً عنهم. وهذه الصَّلوات الخَمس الواجبة على كلِّ مُكلَّف هي:
صَلاة الفَجر
ويبدأ وقتها من طُلوع الفَجر الثاني ويَستمر إلى الإسفار أي زوال الظلمة و ظهور النُّور، ووقت الضَّرورة يكون من الإسفار إلى ما قبل طُلوع الشَّمس لأهل الأعذار، ويسنُّ تَعجليها. صلاة الفَجر رَكعتان، يُجهر بالقراءة فيهما، ويُجلس مرَّةً واحدةً للتَّشهد في آخرِهما.
صلاة الظُّهر
ويبدأ وقتها من بعد زَوال الشَّمس -أي ميل الشَّمس عن وسَط السَّماء إلى جهة المَغرب-، ويستمر إلى أن يُصبح مِقدار ظلِّ الشَّيء مُساوياً له، ويُسنّ تَقديم صلاة الظُّهر ما لم يكن الجوّ حاراً، وإلا فالأفضل عندها التأخير. أَجمع أهل العِلم على أنَّ عدد رَكعات صَلاة الظُّهر أربعُ رَكعات، ولا يُجهر المُصلِّي بالقراءة فيها بل يُخافت، وفي كلِّ رَكعتين يَجلس مرَّة للتَّشهُد.
صلاة العَصر
ويبدأ وقتها من حين انتهاء وقت الظُّهر؛ أي من الوَقت الذي يُصبح فيه ظلُّ كلُّ شيء مِثله، ويستمر إلى اصفرار الشَّمس، وهذا هو وقت الاختيار، أمَّا وقت الاضطرار لأهل الأعذار فيكون من الاصفرار حتى غروب الشَّمس، ويُسنُّ تَعجيل صَلاة العَصر. وعدد رَكعات صلاة العَصر أربعُ ركعاتٍ أيضاً، ولا يُجهر فيها بالقراءة، ويُجلس في كلِّ ركعيتن مرَّة للتَّشهد.
صلاة المَّغرب
ويبدأ وقتها من حين انتهاء وقت صلاة العَصر؛ أي من غُروب الشَّمس، ويستمرّ إلى غياب الشَّفق الأحمر؛ أي الحُمرة التي تكون بعد مَغيب الشَّمس، ويسنُّ تعجيلها. وعدد رَكعات صَلاة المَغرب ثلاثُ ركعات، ويُجهر بالقراءة في أول رَكعيتن ولا يُجهر بالثاَّلثة، ويُجلس للتَّشهد بعد الرَكعتن الأُوليَين مرَّة، وفي الأخِيرة مرَّة.
صَلاة العِشاء
ملاحظة
فرض المُسافر رَكعتين لكلَّ صلاةٍ مَفروضة؛ حيث تقتصر الصلاة الرّباعية إلى ركعتين، أما صلاة المَغرب فإنَّها تَبقى على حَالها ثلاثُ رَكعات لكلٍّ من المُقيم والمُسافر.
حكم ترك الصلاة المفروضة
الصلوات المسنونة
صلاة الوَتر
ويُطلق الوَتر في اللُّغة على العدد الفردي، أما اصطِلاحاً فيُطلق على الصَّلاة التي تكون بين العِشاء وطُلوع الفجر، ويُختم بها صَلاة الليل، وتُصلَّى وَتراً؛ أي ركعة، أو ثَلاث، أو خَمس، أو سَبع، أو تِسع، ولا يكون شفعاً -أي عدداً زوجياً-، وهو سُنَّة مؤكَّدة عند جَماهير أهل العلم.
قيام اللَّيل
ويسمى أيضا بالتَّهجد، وعند الجُمهور هي الصَّلاة التي تكون في اللَّيل بعدَ النَّوم، في أيِّ ليلةٍ من ليالي السَّنة. ويجوز أداءُ صلاة القِيام في أوّل الليل، ووسطه، وآخره، ونُقل كلّ ذلك عن الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-، إلا أنَّ أفضل أوقاته على الإطلاق الثُلث الأخير من اللَّيل.ويُسنُّ أن تُفتتحُ صلاة القيام بركعَتين خَفيفتين لقوله ﷺ : "إذا قامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ". ويُسنّ أيضاً أن يَستفتح المصلّي صلاته بعد التَّكبيير بأحد أدعية الاستفتاح الخاصة بصلاة القيام، ويُستحبُّ الإطالة في صلاة القيام، سواءً كان ذلك في القراءة، أو في الرُّكوع، أو في السُّجود، أو في أي هيئةٍ من هيئات الصَّلاة. وقد كان النَّبيﷺ يُسرُّ بالقراءة في صلاة اللَّيل أحياناً، ويَجهر أحياناً أخرى.ويُستحبُّ ألا يزيد عدد ركعات الصَّلاة في قيام اللَّيل عن إحدى عشر ركعة، أو ثلاث عشر ركعة، لما ورد عن فعل النَّبيﷺ . وتُصلَّى صلاة قيام اللَّيل ركعتان ركعتان، وتُختتم بصلاة الوَتر، حيث سَأَلَ رَجُلٌ النبيَّﷺ وهو علَى المِنْبَرِ: (ما تَرَى في صَلَاةِ اللَّيْلِ"؟ قَالَ: "مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى واحِدَةً، فأوْتَرَتْ له ما صَلَّى. وإنَّه كانَ يقولُ: اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا؛ فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ بهِ").
قيامُ رَمضان
أو ما يُعرف بالتَّراويح، وهي سُنَّة مؤكَّدة للرِّجال والنِّساء في شهر رَمضان، واتَّفق أهلُ العلم على مشروعيَّة الجَماعة في التَّراويح، فيما تَعدَّدت أقوالُ أهلِ العلم في تَحديد عدد رَكعاتها، ويرى ابن تيمية -رحمه الله- أن الأقوال الواردة في ذلك كلَّها سائغة، والأمر فيه سعة، ويُحدَّد الأفضل بينها بحسب أحوال المُصلِّين إن كانت تُؤدَّى جماعة. واتَّفق الفُقهاء على مشروعيَّة الاستراحة بعد كلِّ أربع ركعات، ولا يُشرع خلالها ذكر مُعين.
صلاة الضُّحى
ويُراد بالضُّحى عند الفقهاء: الوقت الذي يكون ما بين ارتفاع الشَّمس إلى زَوالها -أي تحرُّكها من وسط السَّماء إلى جهة المَغرب-، وورد في فَضل صلاة الضُّحى أحاديث عديدة. ويبدأ وقتُها من بعد ارتفاع الشَّمس إلى ما قبل زَوال الشَّمس؛ أي بعد رُبع ساعة تقريباً من طُلوع الشَّمس، وأفضل وقتٍ لتأديتها يكون بتأخيرها حتى اشتداد الحَرّ، وأمَّا بالنسبة لعدد ركعاتها؛ فأقلُّها رَكعتان، فيما تعدّدت أقوالُ العلماء في عدد أكثرها على ثلاثة أقوال: ثمانُ ركعات، واثنا عشرَ ركعة، وقيل لا يوجد حد أعلى لعدد ركعاتها.
صلاة الاستخارة
وهي الصَّلاة التي تؤدَّى عندما يريد المُسلم القيام بأمرٍ مُباح ولكنَّه لا يعرف وجه الخير فيه، فعندها يُصلِّي رَكعتين من غير الفريضة. ويدعو بالدُّعاء المأثور عن النبيّﷺ: (اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ؛ فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي - أوْ قالَ: عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي - أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي قالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ). وتجدر الإشارة إلى أنَّه لا يُشترط لصَاحب الاستخارة أن يرى رُؤيا في منامه كما يظنُّ العامَّة، وإنَّما يكفي انشراح الصَّدر، ولأنَّ الاستخارة في أصلها دُعاء فلا بأس بتكرارها أكثرَ من مرة إذا احتاج الأمر.
صلاة التَّسبيح
تعدَّدت أقوال أهل العلم في حُكم صلاة التسابيح لاختلافهم في إثبات الحَديث الوارد فيها على ثلاثة أقوال: فقيل إنَّها مُستحبة، وقيل لا بأس بها، وقيل غير مشروعة، والقول الأخير هو مذهب الإمام أحمد، لعدم ثُبوت الحَديث المتعلِّق فيها، بالإضافة لمُخالفتها لهيئة الصَّلاة العادية.
صلاة تحيَّة المَسجد
حيث يُستحبّ لمن دَخل المسجد أن يُصلِّي ركعتين قبل جُلوسه. الصَّلاة بعد الوُضوء: يُستحبُّ صلاة ركعتين أو أكثر بعدَ الوضوء، وهذا في أي وقت كان حتى لو كان في أوقات الكراهة.
يُستحب لمن أذنب ذنباً وتاب أن يُصلِّي ركعتين توبةً لله -سبحانه وتعالى-، وهذا الإستحباب ثابتٌ باتفاق المذاهب الأربعة.
صلاة ركعتين بعد الطَّواف بالكعبة
صلاة الكُسوف
وهي الصَّلاة التي تؤدَّى عند ذهاب ضُوء الشَّمس أو القمر، والخُسوف مرادفٌ للكسوف، وقيل: الكُسوف للشَّمس والخسوف للقمر، وصلاة الكُسوف والخسوف هيئة مخصُوصة تختلف عن هيئة الصَّلاة الاعتيادية. وقال جُمهور أهل العلم إنَّ صلاة كسوف الشمس سُنَّة مؤكَّدة، وأمَّا صلاة خُسوف القًمر ففيها قولان: الأول أنَّها سُنَّة مؤكَّدة وتُصلَّى جماعة، والثاني أنَّها لا تُصلَّى جَماعة وهي سُنَّة كالنَّوافل، ووقت صلاة الكُسوف يمتدّ من حين ظُهورالكُسوف إلى حين زَواله.
صلاة الاستسقاء
وهي الصَّلاة التي تؤدَّى عند طلب السُّقيا من الله -سبحانه وتعالى- من خلال إنزال المَطر، وقد أجمع العلماء على سنِّيتها.
شُروط الصَّلاة
الإسلام
إذ تجب الصَّلاة على كل مسلمّ ومسلمة، ولا تجب على غير المسلم في الدُّنيا لأنَّها لا تصحُّ منه، ولكنَّها تجب عليه وجوب عقاب في الآخرة عند الجمهور لأنَّه مخاطبٌ بفروع الشَّريعة وإن كان غير مسلمٍ، أمَّا عند الحنفية فلا تجب الصَّلاة على غير المسلم لا في الدُّنيا ولا في الآخرة؛ لأنَّه غير مطالبٌ بفروع الشَّريعة.
البُلوغ
العقل
فلا تجب الصَّلاة عند الجمهور باستثناء الحنابلة على المجنون، والمعتوه، والمغمى عليه مادام مفارقاً للوعي، لذهاب مناط التَّكليف ألا وهو العقل، ويُسنُّ لهم القضاء بحسب الشافعيَّة.
- العلم بدخول الوقت :فلا تصحُّ الصَّلاة قبل دخول الوقت. الطَّهارة من الحدثين.
- طهارة الثوب والبدن والمكان الذي يُصلّى فيه.
- ستر العورة.
- استقبال القبلة.
- النيَّة: بأن ينوي المُصلّي الصَّلاة التي يريد أداءها ويعيُّنها بذاتها في قلبه؛ كتعيين فرض الظهر أو العصر، ولا يُشرع التَّلفظ بها.
أركانُ الصَّلاة
يُعرَّف الركن في الصَّلاة: ما لا تصحُّ الصَّلاة بغيره، وعدم الإتيان به سهواً أو عمداً يُبطل الصَّلاة، وأركان الصَّلاة أربعة عشر ركناً، وهي:
- القيام للقادر.
- تكبيرة الإحرام، ويجب نُطقها في حال القيام عند القدرة، وأن يُسمع نفسه بها إن استطاع ذلك، وأن تُقال بالعربية إن تمكَّن من ذلك، وأن تؤتى بصيغة "الله أكبر" وليس أي صيغة أخرى.
- قراءة الفاتحة في كلِّ ركعة.
- الرُّكوع.
- الاعتدال من الرُّكوع.
- السُّجود على الأعضاء السبعة؛ وهي الجبهة مع الأنف، واليدان، والرُّكبتان، والقدمان.
- الجلوس بين السَّجدتين.
- السُّجود الثاني.
- الجلوس للتّشهّد الأخير.
- التَّشهّد الأخير، والتَّشهد المأمور به شرعاً هو قول: "التحيَّات لله والصَّلوات الطَّيبات لله، السَّلام عليك أيُّها النَّبي ورحمة الله وبركاته، السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، أشهد أنَّ لا إله إلا الله، ووأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله".
- الصَّلاة على النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في التَّشهد الأخير، ويُقال فيها: "اللَّهم صلِّ على محمَّد وعلى آل محمَّد، كما صَّليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميدٌ مجيد، اللَّهم بارك على محمَّد وعلى آل محمَّد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميدٌ مجيد". التَّسليم؛ وهو قول المُصلِّي: "السَّلام عليكم ورحمة الله". الطَّمأنينة؛ وهي السُّكون وإن قلّ، أو السُّكون بقدر الذكر الواجب.
- ترتيب الأركان.
سُنن الصَّلاة
السُّنَّة شرعاً هي ما يُثاب فاعله على فعله ولا يعاقب تاركه. ولا تَبطل الصَّلاة بتركها، سواءً كان تركها سهواً أو عمداً. وسُنن الصَّلاة كثيرة نُورد منها الآتي:
- رفع اليَدين عند تكبيرة الإحرام مع تفريج الأصابع.
- وضع اليد اليُمنى فوق اليد اليُسرى. دعاء الاستفتاح.
- قراءة شيءٍ من القرآن بعد الفاتحة في الرَّكعيتن الأُوليين.
- التَّأمين بعد قراءة الفاتحة.
- رفع اليدين عند الرُّكوع، وعند الرَّفع منه، وعند القيام للرَّكعة الثالثة.
- الجهر في الصَّلاة الجهرية؛ أي صلاة الفجر، والمغرب، والعشاء، والإسرار في الصَّلاة السرية؛ أي صلاتيِّ الظُهر والعصر.
- وضع اليدين مفتوحة الأصابع على الرُّكبتين عند الرُّكوع.
- الابتداء بوضع الرُّكبتين قبل اليدين عند السُّجود عند جمهور الفقهاء، وقال المالكيّة بأن السنة وضع اليدين قبل الركبتين عند الهويّ للسجود.
- توجيه أصابع القدمين حال السُّجود إلى القبلة. الافتراش* في التَّشهد الأول والتَّورُّك* في التَّشهد الأخير.
- الإتيان بجلسة الاستراحة عند القيام من السُّجود للرَّكعة الثانية أو الرابعة. الإشارة بالسَّبابة عند التَّشهد. الدُّعاء بعد التَّشهد الأخير.
- النَّظر موضع السُّجود.
- مدُّ العنق والظهر في الرُّكوع. قول "سبحان ربي الأعلى" في السُّجود ثلاث مرّات أو أكثر.
- قول "سبحان ربي العظيم" في الرُّكوع ثلاث مرّاتٍ أو أكثر.
- قول "رب اغفر لي" في الجُّلوس الذي يكون بين السَّجدتين.
مبطلات الصَّلاة
تبطل الصلاة بالعديد من الأمور، وفيما يأتي ذكر بعضها:
- إذا ترك المصلّي ركناً من أركان الصلاة، أو شرطاً من شروطها، سواءً كان ذلك عمداً أو سهواً.
- إذا ترك المصلّي واجباً من واجباتها متعمّداً. إذا تحرّك المصلّي بشكلٍ كبيرٍ دون حاجةٍ في الصلاة.
- إذا كَشَف المصلّي العورة متعمّداً.
- إذا تكلّم المُصلّ أو ضحك بقهقهة أو أكل وشرب عمداً.
- إذا أحدَث المُصلّي، فقد أجمع الفقهاء على عدم قبول صلاة من أحدث أثناء صلاته وتيقّن من ذلك؛ أي إذا وقع منه ما يُبطل الوضوء، فعن عبد الله بن زيد -رضي الله عنه-: (أنَّهُ شَكَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرَّجُلُ الذي يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّه يَجِدُ الشَّيْءَ في الصَّلَاةِ؟ فَقالَ: لا يَنْفَتِلْ -أوْ لا يَنْصَرِفْ- حتَّى يَسْمع صَوْتًا أوْ يَجِدَ رِيحًا).
مكروهات الصَّلاة
المَكروه اصطلاحاً: هو ما طُلب تركه طلباً غير جَازم، ومكروهات الصَّلاة عديدة نُورد منها الآتي:
- العبث باللِّباس أو الجَسد أثناء الصَّلاة. مسح التُّراب والحصى عن الأرض، إلا إن دعت الحاجة لذلك لتوسية مكان السُّجود.
- فرقعة الأصابع في المسجد أو أثناء الصَّلاة.
- تشيبك الأصابع في الصَّلاة.
- وضع اليد على الخاصِرة.
- الاعتماد على اليدين في الصَّلاة حال الجلوس لغير الحاجة.
- شدُّ الشُّعر وإلصاقه بالرأس للِّرجال. سدل الثَّوب على الجسد بدون إدخال اليدين فيه.
- رفع البصر إلى السماء خلال الصَّلاة. الالتفات بالوجه عن القِبلة.
- قراءة القُرآن في الرَّكوع والسَّجود. النَّظر إلى ما يُلهي عن الصَّلاة.
- تغميض العينين في الصَّلاة بلا عذر. التَّربّع في الصَّلاة بلا عذر.
- التمايُل في الصَّلاة.
- تشمير الكُمّين عن الذراعين خلال الصَّلاة.
- الاضطباع في الصَّلاة؛ وهو جعل الثَّوب تحت الإبط الأيمن وطرحُه على الكتف الأيسر.
- كثرة التثاؤب في الصَّلاة.
- تغطية الأنف أو الفم خلال الصَّلاة بلا عذر.
- الصَّلاة عند مدافعة الأخبثين: البول والغائط.
- الصَّلاة بحضور طعامٍ يشتهيه المُصلّي؛ فالأَوْلى أن يأكل أولاً إذا اتّسع الوقت لذلك. الصَّلاة عند غلبة النَّوم.
- الالتزام بمكانٍ خاصٍّ في المسجد للصَّلاة فيه لغير الإمام.
- تأخير الأذكار المشروعة عند الانتقال من ركنٍ إلى ركنٍ إلى غير محلِّها.
- تطويل الرَّكعة الثانية على الأولى بمقدار ثلاث آيات فأكثر.
- الاقتصار على قراءة الفاتحة في الرَّكعتين الأوليين.
- العبث باللِّحية خلال الصَّلاة.
- القيام على رِجلٍ واحدة بلا عذر.
- الصَّلاة خلف النَّائم أو المتحدِّث. التنكيس في قراءة السور في الصلاة؛ كأن يقرأ المصلّي في الركعة الأولى سورة الإخلاص، ويقرأ بالركعة الثانية سورة قبلها كسورة الضحى.
خاتمة
الصلاة ليست مجرد عبادة تؤدى، بل هي صلة روحية تجمع العبد بربه، ووسيلة للسكينة والاطمئنان في زحمة الحياة. إنها فرصة للتأمل والاعتراف بالضعف البشري أمام عظمة الخالق، وتجديد للطاقة الإيمانية التي تعين الإنسان على مواصلة طريقه بثبات. الصلاة نورٌ للقلب وهداية للعقل، وسرّ السعادة الحقيقية لمن يداوم عليها بخشوع وإخلاص. في رأيي الصلاة ليست مجرد فرضٍ ديني بل هي هدية إلهية، تتيح لنا الوقوف بين يدي الله بسلام داخلي. إنها تعيد ترتيب الأولويات في حياتنا، وتمنحنا لحظات من الصفاء والتواصل مع الذات ومع الخالق. الحفاظ على الصلاة بشروطها وأوقاتها يعزز الانضباط النفسي، ويغذي روح الإنسان بما يحتاجه من الطمأنينة والإيمان.