الكذب عند الأطفال: بين الخيال والبحث عن الاهتمام
تعريف الكذب عند الأطفال
أعراض الكذب عند الأطفال
الكذب عند الأطفال ظاهرة شائعة تعكس تطورات في النمو العقلي والاجتماعي، حيث يبدأ الطفل في استكشاف حدود السلوك المقبول وغير المقبول.
ومن يبن العلامات التي تدل على أن الطفل يكذب ما يلي:
تغييرات في سلوك الطفل: يختلف تصرف الطفل عن الطبيعي، مثل الانغماس في الكذب بشكل متكرر أو زيادة في التوتر والقلق.
عدم الاتساق في القصص: تتناقض روايات و قصص الطفل و في كل مرة يغير قصته بشكل معين ، خاصة عند سؤاله عن تفاصيل معينة، فقد يكون ذلك إشارة إلى الكذب.
الاختلاف في التعبيرات الجسدية: تظهر على الطفل علامات الارتباك و النظر للأسفل، أو حركات زائدة لليدين ، كذلك تتغير التعابير الوجهية و تتناقض مع قوله عندما يكذب، يتجنب تجنب النظر في العينين، أو تغطية الفم.
التناقض بين الأقوال والأفعال: يتناقض فعله و قوله في آن واحد ، في حين يتحدث مثلا عن سوء الكذب تجده يكذب بعد ذلك فورا.
تجنب مناقشة الموضوع: إذا كان الطفل يتجنب التحدث عن موضوع معين أو يبدو متوترًا عندما يتم سؤاله عنه، قد يكون ذلك دليلاً على أنه يخفي شيئًا.
هذه العلامات التي قد تشير إلى أن الطفل يكذب، ومع ذلك، يجب أن يتم ملاحظة السياق والعوامل الأخرى قبل الاستنتاج النهائي، حيث يمكن أن تكون هذه السلوكيات ناتجة عن عوامل أخرى غير الكذب.
كذب الأطفال بين الخيال و البحث عن الإهتمام
الكذب غير المقصود:في عمر الثلاث و الأربع و الخمس سنوات يمتلك الأطفال خيالاً خصباً و واسعا، وغالبًا ما يمزجون بين الحقيقة والخيال دون قصد الكذب ، و يستخدمون الكذب كجزء من ألعابهم أو قصصهم، فالأطفال قد لا يدركون تمامًا في البداية أن الكذب سلوك خاطئ ويحتاجون إلى تعليم وتوجيه لفهم أهمية الصدق.
الكذب خوفا من العقاب: عند ارتكاب الأطفال لخطئ ما أو مخالفة لقاعدة من قواعد الآباء ، يلجؤون إلى الكذب تجنبا للعواقب ، و خوفا من العقاب.
الكذب لجذب الانتباه: إذا كان الأهل لا يولون أهتماما كبيرا لإبنهم ، و يهملونه فإنه يكذب للحصول على اهتمامهم أو اهتمام الآخرين، كالكذب في المرض أو الألم و هو لا يشتكي من شيء.
التقليد: الأطفال دائما ما يتعلمون الكثير من العادات الكذب من المحيط الخارجي أو من الأهل ، و قد يتعلمون الكذب سواء من أقرانهم أو حتى من الكبار الذين قد يستخدمون الكذب في مواقف يومية بسيطة.
تحقيق أهداف شخصية: و يتمثل في كذب الأطفال من أجل الحصول على ما يريدون، مثل حلوى إضافية أو تجنب واجباتهم.
إرضاء الآخرين: يكذب الطفل أحيانا لتجنب خيبة أمل الوالدين أو لإرضائهم.
اختبار الحدود: الأطفال الأكبر سنًا (8 سنوات فأكثر) قد يستخدمون الكذب لاختبار القواعد والحدود التي وضعها الكبار.
- يقدم الأطفال على الكذب إنتقاماً من الكبار بسبب أنهم عرفوا أن الكذب شيئ يزعج الكبار.
- الخوف أيضاً من الأسباب الرئيسية فيكذب الأطفال خوفاً من العقاب وخوفاً من الإحراج وخوفاً من الإستهزاء بهم.
- عندما لايجد الطفل من حوله الدعم والتشجيع والتفاخر يلجأ إلى تأليف البطولات أو المشاكل للفت إنتباه من حوله.
- الأطفال الصغار لا يفرقون بين الواقع والخيال لذلك يقصون قصصاً لم تحدث و يقسمون ويؤكدون على أنها حدثت لهم.
- الممنوع مرغوب لذلك عندما يتم التعامل بقسوة مع الطفل يتحين الطفل المواقف التى لا يكون فيها الأب أو الأم ويقوم بالفعل الممنوع ظناً منه أنهم لن يكتشفوا ذلك.
- الوصم للطفل دائماً بأنه كاذب يجعله يعتبر الكذب جزء من ذاته لذلك يكذب بداعى وبدون داعى.
كيف يمكن التعامل مع الكذب؟
- تجنب الوقوع في الكذب أمام الطفل، حتى يكون الوالدان قدوة حسنة للطفل.
- شجع الطفل على التعبير عن مشاعره وأفكاره دون خوف، و إثابته عندما يقوم بأفعال حسنة ، وعدم إجبار الطفل على أداء أعمال لا يحبها، ولا بد أن يكون هناك لغة حوار مشتركة بين الطفل والآباء.
- استخدام التوجيه الإيجابي بدلاً من العقاب الشديد، لأن الخوف يؤدي إلى مزيد من الكذب.
- تعزيز قيمة الصدق عند الأطفال عبر قراءة قصص توضح سوء عواقب الكذب.
- اشرح كيف يؤثر الكذب على الثقة والعلاقات.
- معرفة دوافع الطفل إلى الكذب ومساعدتهم على التخلص منها.
- تجنب نعت الطفل بالكذّاب، فذلك قد يُسبب له بعض الأذى النفسي، ويبدأ الطفل في التفكير أن أبويه لن يُصدقاه مرة أخرى فيعتاد الكذب.
- إعطاء الطفل فرصة للاعتراف بخطئه وقبول اعتذاره إن اعتذر.
- اختيار عقاب مناسب لكذبة الطفل، ومن الأفضل أن تكون بحرمانه من شيء يحبه وتجنب التعنيف البدني.
طرق للوقاية من عادة الكذب
حل المشكلات
حل المشكلات التي تواجه الأطفال يتعرّض الطفل لمواقف يعجز عن حلّها فيلجأ للكذب للهروب منها؛ لذا يجب على الوالدين مساعدة أطفالهم على حلّ المشكلات التي يواجهونها، وإشراكهم في التفكير في الحل المناسب.
و بهذا يصبحوا أكثر قدرة على البحث عن حلول للمشكلات بدلاً من الكذب بشأنها، وفي المرّات القادمة سيشعرون بأنّهم عندما يرتكبون خطئاً ما فإنّ البحث عن طريقةٍ لتصحيح الخطأ هي الوسيلة الأفضل للتخلّص من المشكلات.
التخلص من مسببات الكذب
تجنب مسببات الكذب يكذب الطفل عندما يتعرّض لبعض المواقف التي تُحاصره فلا يجدُ منها مهرباً سوى الكذب، لذلك يجب على الوالدين الانتباه إلى العوامل التي تجعل طفلهم يكذب ومحاولة تجنّبها.
فمن الأمور الشائعة التي يقوم بها الوالدان وتدفع الطفل للكذب طرح بعض الأسئلة التي يعرف جوابها ويقصد بها التوبيخ فهي تضع الطفل في موقفٍ محرجٍ تجعله يكذب، أو عدم احترام خصوصيّة الطفل، أو النقد المستمرّ وإظهار علامات خيبة الأمل عند قيام الأطفال بأمرٍ خاطئ، وغيرها من المُسبّبات التي تدفع الأطفال للكذب.
تقوية الصدق
تعزيز الصدق يهدف تعزيز الصدق وأهميته لدى الأطفال إلى التقليل من عادة الكذب لديهم، فإذا قاموا بفعلِ شيءٍ قد يضطرّونَ بسببه للكذب فإنّ دور الأهل حينها منحهم المجال لشرحِ دوافعهم وفهمها، بدلاً من معاقبتهم مباشرةً ممّا يجعلهم يلجؤون للكذب بدلاً من قول الحقيقة في المرّات القادمة.
ويجبُ على الوالدين منح الأطفال مهلةً زمنيّةً للتراجعِ عن الكذب وقول الحقيقة بدلاً من معاقبتهم مباشرة بسبب كذبهم، كما يُمكن تعزيز الصدق لدى الأطفال بمدحهم عندما يقولون الحقيقة حتّى وإن ترتّب على اعترافهم فرض عقوبة ما.
العقاب
العقاب الفعّال يُعدّ العقاب عنصراً مهمّاً لمعالجة الكذب عند بعض الأطفال، بشرط أن يكون عقاباً فعّالاً وغير مبالغ فيه؛ لأنّ العقوبة بطريقةٍ خاطئةٍ تُشعر الأطفال بالظلم بدلاً من التفكير بخطئهم، كما ينبغي تجنّب الغضب، والصراخ، والتهديد.
ويكون اختيار العقوبة فعّالاً بعد منح الطفل وقت لمراجعة نفسه؛ كتكليفه بمهام إضافيّةٍ للقيام بها، أو سلبه بعض الامتيازات، أو مطالبته بحلّ ما تسبّب به من مشكلات.
الخاتمة
الكذب عند الأطفال ظاهرة طبيعية إلى حدٍّ ما، ويمر بها معظم الأطفال كجزء من تطورهم النفسي والاجتماعي. فهم سلوكيات الأطفال ومساعدتهم على التمييز بين الحقيقة والخيال هو دور أساسي للآباء والمربين.
التربية المبنية على الصدق والحوار المفتوح توفر بيئة آمنة لتقويم هذا السلوك بشكل إيجابي.
ومن وجهة نظري الخاصة أرى أن الكذب عند الأطفال غالباً ما يكون انعكاساً لعوامل بيئية ونفسية أكثر منه خللاً أخلاقياً.
يجب على الوالدين التعامل مع هذا السلوك بصبر وتفهم، وتشجيع الأطفال على قول الحقيقة من خلال القدوة الحسنة وتعزيز الثقة، والمعاقبة الصارمة دون فهم الأسباب قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة بدلاً من حلها.