المراهقة جسر العبور نحو النضوج و الوعي

تمهيد

المراهقة جسر العبور نحو النضوج و الوعي

 المراهقة  هي أهم مرحلة  في حياة الإنسان، فهي جسر عبور نحو النضوج والوعي، حيث ينتقل الفرد عبرها من الطفولة إلى الرشد. خلال هذه المرحلة، يمر المراهق بتغيرات جذرية على كافة الأصعدة: الجسدية والنفسية والاجتماعية.  ، حيث يبدأ الفرد في هذه الفترة باكتشاف نفسه وبناء هويته المستقلة. كما تتصاعد الأسئلة الوجودية التي تدور حول القيم، الأهداف، والمستقبل. رغم التحديات التي قد يواجهها المراهقون في هذه الفترة، مثل التوترات العاطفية والصراعات الداخلية، إلا أن هذه المرحلة تمثل فرصة كبيرة للنمو والتطور، إذ تؤسس لمرحلة النضج الكامل في المستقبل.

ما هي المراهقة؟

هي مرحلة انتقالية بين الطفولة والبلوغ تمتد غالبًا من عمر 10 إلى 19 سنة، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، وقد تستمر حتى 24 سنة في بعض الحالات. تتسم هذه المرحلة بتغيرات جوهرية على الصعيد الجسدي، النفسي، والاجتماعي. يمر المراهق بتغيرات بيولوجية تشمل نمو الجسم والبلوغ، إلى جانب تطورات نفسية تتعلق بتكوين الهوية الشخصية والشعور بالاستقلالية. كما يزداد اهتمامه ببناء علاقات اجتماعية خارج إطار الأسرة، ويتطور تفكيره نحو مزيد من التجريد والمنطق. تُعتبر المراهقة فترة محورية لاكتساب المهارات الحياتية وتشكيل القيم والمعتقدات التي تؤثر على شخصية الفرد في مراحل حياته اللاحقة.

و من أهم هذه التغيرات الحياتية في مرحلة المراهقة  ما يلي :
  • تغيرات جسدية ونفسية واجتماعية.
  • الميل للاستقلال وضعف الارتباط العاطفي بالوالدين.
  • تفاوت في سرعة التغيرات الجسدية بين الأفراد.
  • مشاعر القلق وعدم الأمان.
  • انشغال المراهق بمظهره واهتمامه بآراء الآخرين

مراحل المراهقة

  • المراهقة المبكرة (10-14 سنة)

تتميز ببدء البلوغ وظهور الاهتمامات الجنسية، مع قلة التفكير بالمستقبل والتركيز على الجوانب الأخلاقية.

  • المراهقة المتوسطة (14-17 سنة)

تشهد هذه المرحلة سرعة النمو، اكتمال التغيرات الجسدية، وزيادة الأسئلة حول الأمور الجنسية. كما يزداد تأثير الأصدقاء ويستمر نمو الدماغ.

  • المراهقة المتأخرة (18-24 سنة)

تُعرف بمرحلة الشباب، وتتميز بزيادة التطورات الإدراكية، التفكير العقلاني، والاستقلالية.

مشاكل المراهقة و حلولها

  • مشاكل أكاديمية

إهمال  كل ما يتعلق بالتعليم ، و تراجع المستوى الدراسي ،يمكن معالجته بتقديم الدعم والمساعدة من قبل الأهل.

  • مشكل السمنة 

هي حالة تصيب  20% من المراهقين بين 12-19 عامًا من كل سنة ، يصبح المراهق فيها يهتم فقط لعوامل الراحة الأكل و النوم و الخمول ، و يكمن  الحل في استشارة طبيب مختص في التغذية وتشجيع النشاط البدني.

  • مشكل الإكتئاب

هو عامل نفسي يصيب 13% من المراهقين. يتمثل حل هذه المشكلة في استشارة لمختص للأمراض النفسية  عند ملاحظة تغيرات مزاجية أو سلوكية.

  • الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي

و هو الجلوس لفترات طويلة أمام شاشات الهاتف أو ألعاب الفيديو ، مما يؤثر سلبا على صحته البدنية و العقلية.و يمكن مواجهت هذا  المشكل من خلال وضع ضوابط لاستخدام وسائل التواصل ومراقبة المحتوى.

  • قلة احترام الوالدين

و يكون برد الكلام على الوالدين و مناقشتهما بصوت مرتفع و عدم الالتزام بمواعيد العودة إلى المنزل . و الحل يشمل تحديد وقت مظبوط للعودة إلى البيت وتطبيق عقوبات عند عدم الالتزام. كما يجب على الأهل تفهم المرحلة، مع وضع حدود واضحة لسلوكيات المراهق.

حقائق حول المراهقة:

يبدو أن الإنسانية على مر عصورها لم تنشغل بأي مرحلة من مراحل عمر الإنسان كما انشغلت بجيل المراهقة، فقد حظيت هذه المرحلة من العمر بما لا يعدّ ولا يحصى من الأبحاث والمقالات.
تم تأليف الكتب وإنتاج الأفلام التي تتحدث عن خصائص مرحلة المراهقة وهذا ليس عبثًا، إذ إن فترة المراهقة هي الفترة الأكثر تأثيرًا على حياة المراهقين، قبل أن يصبحوا أشخاصًا بالغين ومستقلين عن أهلهم.


إن حقيقة كون سن المراهقة هي المرحلة التي يبني فيها المراهقون شخصيّتهم المستقلّة تجعلها فترة صعبة جدًا في كل ما يتعلّق بعلاقتهم مع الأهل.

رغم أنها فترة صعبة للطرفين، حيث يعيش المراهقون فترة يعتقدون خلالها أن ذويهم لا يفهمونهم، ويشعر الأهل بأن أولادهم يتحررون من سيطرتهم، إلا أن من واجب كل ولي أمر أن يعرف أن المراهقة ستنتهي.

عندما تنتهي فترة المراهقة سوف تعود علاقة الأهل والأبناء المراهقون لسابق عهدها، وستصبح جيدة.


الخصائص العامة للمراهقة 

تتمثل أهم خصائص مرحلة المراهقة في الأمور الآتية:



تحرُّر المراهقين من أبائهم وأمهاتهم ومن تعلُّقهم بهم، ومع أنهم غير مستقلّين ماديًّا بعد ٳلا أنهم لا يشعرون باستمرار تعلُّقهم بوالديهم، خاصة في الفترة بين سن العاشرة حتى سن الثانية عشرة أي فترة بلوغ سن المراهقة.
توقف المراهقين عن الاهتمام بأفعال الوالدين.
الابتعاد عن الأهل وتقربهم من أبناء جيلهم.
عدم مشاركة أهلهم الحوار والحديث على اعتبار أنهم لا يستطيعون فهم ما يمرّون به.
يعايش المراهقون عملية نمو يبدؤون خلالها بالتمرد على صلاحيات الوالدين، وذلك في سبيل تطوير شخصية مستقلة تثبت قدرتها على مواجهة تحديات الحياة.
التغيرات الجسمية والنفسية في فترة المراهقة
تُرافق المصاعب التي تواجه المراهقين والوالدين في سن المراهقة سلسلة من الأحداث التي يعيشها المراهقون في هذه الفترة، كتقلُّبات المزاج والانشغال المفرط بمظهرهم الخارجي، ففي هذه الفترة:
يبدأ الفتيان بالاهتمام بممارسة النشاطات الرياضية.
تبدأ الكثير من الفتيات بالمعاناة من عدّة اضطرابات في الأكل.
يصبح ٳدراكهم للواقع خارقًا، فيتعاملون بٳزدراء مع كل ما هو ليس حقيقيًّا، وينظرون إلى كل ما هو قديم على أنه ليس ضروريًا.

  • المراهقة والهوية الجنسية

فترة المراهقة هي ذاتها فترة البلوغ الجنسي، والتي تحمل العديد من التغيرات الفيزيولوجية والاجتماعية، وفي هذه المرحلة يُلاحظ أن المراهق بدأ يتسائل بشكل أكبر عن هذه التغيرات، لذلك على الوالدين بأن يكونوا قربين من أبناءهم في هذه المرحلة منعًا للبحث عن هذه التغيرات من وسائل أخرى قد تؤدي إلى نتائج وخيمة وسلبية.

  • دور الأهل في فترة المراهقة

لا يمكن اعتبار سن المراهقة بالنسبة للأهل فترة سهلة فهي مليئة بالكثير من المعضلات والتغيرات.


من جهة يشعر الأهل بالإهانة والغضب إزاء تصرُّفات أولادهم، ومن جهة الأُخرى يخشون أن يقوم أولادهم بإيذاء أنفسهم أو ارتكاب أعمال قد يندمون عليها في المستقبل.


تختلف الأراء بين الأهل وعلماء النفس حول ردود فعل الأهل على تصرُّفات أولادهم، وتتمحور الجدالات حول درجة الحرية التي يمكن منحها للمراهقين عند بلوغهم سن المراهقة، فمثلًا حين يتذكر الأهل مرورهم بمثل هذه الفترة وكم كانوا يرغبون بمثل هذه الحرية سيدركون جيدًا الآتي:
  • أن أبنائهم قد يقومون باستغلال هذه الحرية بصورة سلبية.
  • قد يلحقون الضرر بأنفسهم وبغيرهم.
  • عدم قدرة أبنائهم على اتخاذ قرارات سليمة.
  • عدم قدرة أبنائهم على تحمل المسؤولية.
  • من هنا تبدأ المعانة بين الإبن المراهق وأفراد عائلته، لكن يجب على الأهل تحمل أبنائهم قدر المستطاع والتعامل معهم دون عصبية.

مخاطر قد يتعرض لها المراهقون 

غاالباً ما يتعرض المراهقون خلال سنوات المراهقة لمواد خطرة وضارة صحياً، مثل منتجات التبغ، والكحوليات، والمخدرات، كما يمكن أن يصبحوا أكثر عرضة لخطر العنف البدني والنفسي، ولحوادث ووفيات الطرق. وكثيراً ما يواجه المراهقون اضطرابات نفسية خطيرة، مثل الاكتئاب، والقلق الشديد، وإيذاء النفس، واستخدام المخدرات والكحوليات، وإدمان ألعاب الفيديو، بالإضافة إلى اضطرابات الأكل.. وفي بعض الأحيان قد يتعرضون لخطر الانتحار. وفي عدد من الشعوب والثقافات، تشكل الأمراض المنقولة جنسياً، إلى جانب حمل المراهقات، مشكلةً صحية تواجه مراهقي تلك الشعوب والثقافات.

وترتبط الكثير من هذه القضايا والمخاطر بما يعرف بالمحددات الاجتماعية، أي المتعارف عليه أو المرغوب والمقبول اجتماعياً؛ مثل الضغوطات الاجتماعية الثقافية المتعلقة بوزن وشكل الجسم بين الإناث، وحتى الذكور أحياناً، ومدى تقبل المجتمع لتناول الكحوليات، بالإضافة إلى الرفض أو العزل الاجتماعي في ظروف معينة. وإذا ما تولدت تلك الضغوطات في بيئة يصعب على المراهق فيها الحصول على الدعم الاجتماعي والنفسي والصحي، وبالترافق مع التغيرات الجسدية والنفسية والعصبية التي يمر بها، علاوة على وجود الدافع والتوق للاستكشاف والتجربة، فإنه (أي المراهق) يصبح فريسة سهلة للمخاطر العديدة المحدقة به حينها.


ويرد جزء كبير من تلك المخاطر والمشاكل الصحية، وما ينتج عنها من وفيات بين المراهقين، إلى ميل أفراد هذه الفئة العمرية إلى تعريض أنفسهم للخطر دون الأخذ في الاعتبار التبعات والنتائج، كما أنهم غالباً ما يدعون ويتظاهرون بعدم اهتمامهم بالجوانب الصحية، ولا بالرعاية الطبية، رغم أنهم خلال مرحلة ما من نموهم العقلي والجسدي يصيبهم القلق على صحتهم، لكنهم يفتقدون من يوجه لهم النصح والإرشاد ليقلل من قلقهم هذا.
وفي الوقت الذي تتأثر فيه صحة المراهقين بعوامل خارجية وبيئية، وداخلية فسيولوجية، تؤثر فترة المراهقة على الحالة الصحية لمراحل الحياة اللاحقة. فعلى سبيل المثال، لا يحظى 80 في المئة منهم بقدر كاف من الرياضة والنشاط البدني، وهو ما يؤدي إلى النتيجة المؤسفة والمتجسدة في حقيقة أن ثلاثة أرباع الوفيات بين البالغين، جراء أمراض مزمنة غير معدية، مثل السمنة والسكري وأمراض القلب والشرايين، ترتبط بشكل وثيق بعوامل خطر بدأت في مرحلة المراهقة.

خاتمة:

 المراهقة هي مرحلة حاسمة في حياة الإنسان، حيث يمر الفرد بتغيرات جسدية وعاطفية وعقلية تؤثر على شخصيته وسلوكه. من المهم أن نُدرك أن هذه المرحلة تحتاج إلى دعم ومتابعة من الأسرة والمجتمع، لأنها تُمثل فترة بناء الهوية واكتشاف الذات. على الرغم من التحديات التي قد تواجه المراهقين، فإن توفير بيئة صحية ومشجعة لهم يمكن أن يسهم في تحقيق توازن بين نموهم الجسدي والعقلي، مما يساعدهم على النجاح في مختلف جوانب الحياة. و موجهة نظر خاصة أعتقد أن المراهقة هي فترة شديدة الأهمية، فهي تعد مرحلة انتقالية بين الطفولة والنضج، وتستحق الاهتمام والرعاية من الأسرة والمجتمع. من خلال تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، يمكن للمراهقين أن يتجاوزوا تحديات هذه الفترة بنجاح، ويصبحوا أفرادًا قادرين على اتخاذ قرارات سليمة وبناء علاقات صحية.

الكلمات المفتاحية: 

المراهقة، النمو العاطفي، التغيرات الجسدية، الدعم النفسي، الهوية، التحديات، الأسرة، الاكتشاف الذاتي.


المصادر و المراجع : يونيساف بتصرف ، مايو كلينيك بتصرف ، موضوع بتصرف ، ويكيبيديا بتصرف.




- المقالة التالية - المقالة السابقة
لايوجد تعليقات
    إضافة تعليق
    comment url