مواقع أثرية و تاريخية جزائرية مذهلة
تاريخ الجزائر يمتاز بتعدد الدول والحضارات التي أثرت في تشكيل هويتها الثقافية والسياسية. بدأ الفينيقيون بإنشاء مراكز تجارية على الساحل منذ القرن التاسع قبل الميلاد، وكان من أبرزها قرطاج. بعد سقوط قرطاج، انضمت الجزائر إلى الإمبراطورية الرومانية، حيث شهدت المنطقة ازدهارًا حضاريًا مع إنشاء مدن مثل تيفس ووهران. وقبل الفتح العربي، برزت ممالك أمازيغية مثل مملكة نوميديا. مع دخول الإسلام في القرنين السابع والثامن، تأسست دول إسلامية مثل الدولة الرستمية، واستمرت هذه الزخم الحضاري مع ظهور الدولة الزيانية من القرن الثالث عشر حتى السادس عشر. في أوائل القرن السادس عشر، أصبحت الجزائر تحت حكم الدولة العثمانية، والتي استمرت حتى القرن التاسع عشر، و في مايلي سوف نقوم بتسليط الضوء على أهم المعالم التاريخية الهامة.
قلعة بني حماد التاريخية (المسيلة)
الدولة الحمادية هي واحدة من أبرز الدويلات التي ظهرت في بلاد المغرب الإسلامي، وكان ظهورها سببا لتأسيس كيان سياسي مستقل كان له دور هام في الحياة السياسية والاقتصادية والعلمية في المغرب عامة والمغرب الأوسط خاصة.
فقد شهدت فترة قيام الدولة الحمادية على الصعيد المحلي بداية الانفصال الفعلي عن الدولة الزيرية، ذلك أنها عرفت فترات من الصراع من أجل البقاء وإرساء دعائم ملكها ومشروعيته وقيامها وانفصالها كدولة مستقلة بذاتها في المغرب الأوسط، إلى فترة البقاء والاستمرارية والتطور الحضاري وبناء عاصمة لملكها في إقليم الحضنة.
سمح لباديس بن المنصور ببناء قلعته التي عُرفت بقلعة بني حماد، فاستقر حماد بن بلكين في هذه المدينة و كان قد أنشأ فيها القصور الفخمة وأوصل إليها المياه وحصنها.
وكان موقعها الاستراتيجي يسمح له بمراقبة تحركات القبائل الزناتية بسهولة، فكان من حين لآخر ينتقل إلى أشير العاصمة الأولى للدولة الزيرية، فأصبح حماد يمتلك مدينتين محصنتين في المغرب الأوسط، فعظم شأنه وتوسع سلطانه، وقويت شوكته.
في سنة (398هـ/1007م) شرع حماد في تأسيس مدينته الجديدة التي سميت باسمه، وأصبحت منذ ذلك التاريخ تعرف باسم قلعة بني حماد. وكانت القلعة في موضع يحقق لمؤسسها أغراضه السياسية والعسكرية في المنطقة.
وما من شك في أن المزايا الإستراتيجية التي يتمتع بها هذا الموقع هي التي لفتت إليه نظر حماد بن بلكين بعدما استقر له الأمر في منطقة الزاب والحضنة، وأغرته ببناء القلعة لتقوم بالدور السياسي الذي قامت به أشير في عهدها الأول، قبل أن تأخذ القيروان كثيرًا من نفوذها.
بنيت القلعة على منحدر وعر فوق سفوح جبل تاقربست على الحدود الشمالية لسهول الحضنة، وعلى أرض مسطحة تشكل امتدادًا لجبل تاقربست إلى سهول المسيلة.
كان حماد ذكيا في اختيار موقع مدينته حيث كانت حصنًا منيعًا لملكه المنتظر، واستقر فيها بدلًا من أشير لأنها أتاحت له السيطرة على سهول الحضنة ومراقبة تحركات القبائل الزناتية الثائرة على الزيريين.
ومع كل هذه الأهمية الإستراتيجية للمدينة الجديدة، إلا أن حماد لم يهمل مدينة أشير العاصمة الأولى لصنهاجة.
لقد حكم بنو حماد المغرب الأوسط منذ سنة (408-547هـ/1017-1152م)، وقد حكم الدولة على امتداد هذه الفترة تسعة أمراء، اختلفوا في أسلوب حكمهم ابتداءً بحماد مؤسس الدولة وثمانية أمراء آخرين.
لكن القدر لم يكتب لمؤسس الدولة الحمادية أن يعمر فيها طويلًا حتى يرى جهوده في رسم معالم ملكه في المغرب الأوسط، وما قدمته دولته في حضارة بلاد المغرب التي عرفت فترات من الازدهار والتطور في جميع الميادين.
توفى حماد سنة (419هـ/1028م). وكان لظهور المرابطين في المغرب الأقصى، والقبائل الهلالية في المغرب الأوسط، أثرا على استقرار منطقة الحضنة في تلك الفترة عامة والقلعة خاصة، حيث انتهى بها المطاف إلى الهجرة فأصبحت أثرًا.
وقد تم تسجيلها في قائمة التراث العالمي سنة 1980، حيث تم العثور على عملات معدنية ومجوهرات في محيط المدينة مما أشار إلى أن المنطقة كانت تتمتع بمستوى عالٍ من الحضارة في سنوات قوتها.
الطاسيلي .. آثار وأسرار مذهلة تعود لما قبل التاريخ
صحراء الجزائر واحدة من أكبر الصحاري في العالم، حيث تغطي 80 بالمئة من مساحة البلاد. تمتاز بتنوعها البيئي وتضاريسها الفريدة، من الكثبان الرملية الشاهقة إلى الصخور الجرانيتية القديمة.
هي موطن للقبائل البدوية التي تعيش في تناغم مع البيئة القاسية، وتحافظ على تراثها الثقافي الغني. تعتبر الحياة في الصحراء تحديًا كبيرًا لسكانها ومع ذلك فإن جمالها الطبيعي هو جهة للسياح فريدة و الباحثين عن المغامرة والتاريخ.
تحتوي الصحراء على العديد من المواقع الأثرية، بما في ذلك النقوش الصخرية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، مما يعكس تاريخًا طويلاً وحضارات متنوعة عاشت في هذه المنطقة.
في صحراء الجزائر الشاسعة حيث يجتمع السحر والجمال بالكنوز والأسرار، تبقى الطبيعة البكر تحتفظ بسمات حضارة حياتية راقية رحل عُمَارُها تاركين تاريخا مدونا في مغاور الكهوف الحجرية وبين الصخور المترامية وحتى على حبات الرمال الذهبية اللامتناهية.
التفاصيل الدقيقة لم يُكشف عنها لحد الساعة، وما يتم تداوله يبقى مجرد فرضيات وتخمينات يمكن أن تغيرها حقائق خفية مازالت تنتظر من يميط عنها اللثام.
ولو أن رجال الطوارق الملثمين وهم السكان المحليين للمنطقة يحلون بعض الألغاز الصعبة والبوح بها يؤكد تزييف التاريخ الذي يجب أن يصحح.
لقد كان مصدر الدراسات التاريخية للجزائر الأرشيف الفرنسي حيث كان يعمل على تبرير الاحتلال العسكري وتصويره على أنه سد للفراغ الحضاري ونفض للغبار عن أطلال الغزو المتعاقب من رومان ووندال وبيزنطيين وحتى الإنسان الأول بالسطو على آثاره. فنهب ضريح الملكة تينهينان وأخذ كل ممتلكاتها من ذهب وحلي يبقى شاهدا على عملية النهب المادية التي تعرض لها البلد، وحتى السرقة المعنوية كانت حاضرة منها الاستيلاء على اكتشاف كنز الطاسيلي المحلي.
حضارات متقدمة سكنت الصحراء
الطاسيلي هو أجمل متحف في الطبيعة حيث يجمع لوحات فنية نفيسة ونادرة توحي إلى عقول ذكية قامت برسمها أو نحتها وليست لأشخاص بدائيين كاما هو شائع ، لأنه إبداع حقا!
"هضبة الثور" هي عبارة عن سلسله جبلية بركانية تقع في قلب الصحراء بالجنوب الشرقي من الجزائر بإليزي وتبعد عن العاصمة بحوالي 2000 كيلو متر، ترتفع عن مستوى سطح البحر بأكثر من 2000 متر ويتراوح عرضها ما بين 50إلى 60 كيلو متر، وطولها يتعدى كيلو متر، أما إجمالي مساحتها فيقدر بـ 72,000 كـم2.
صنف طاسيلي ناجر في عام 1972 كإرث تاريخي وطني، ثم ضمته اليونيسكو سنة 1982 إلى قائمة التراث العالمي.
هي تشكيلات جيولوجية نحتتها العوامل الطبيعية و الحجارة المتراصة طبيعيا، كأنها بنيت لتشكل صروحا متعالية وكهوفا صخرية وبركانية تسمى "الغابات الحجرية" تحمل رسومات ونقوش لأشكال وإيحاءات مختلفة لحيوانات ومخلوقات العصور القديمة أو النشاطات التي كانو يمارسونها كالصيد وتربية الحيوانات أو طقوس معينة لمعتقدات دينية أو عادات.
حقيقة اكتشاف رسوم الطاسيلي
الآثار الفنية المنحوتة تعتبر شهادة على تطور الحياة والبناء الحضاري الذي ميَّز المنطقة في الزمن الغابر ، و هذا ما جذب اهتمام الفرنسيين بعدما أطلعهم عليه "جبرين"، فمن هو هذا الرجل؟
لما وصل جبرين سن البلوغ وضع اللثام أول مرة في مناسبة خاصة ليلازمه مدى الحياة، وشارك في معركة أسكاو سنة 1917 بقيادة الحاج موسى أغ أمستان لمقاومة الاحتلال الفرنسي.
استطاع الجيش الفرنسي غزو منطقة الطاسيلي سنة 1920، حينها انتبه بعض الضباط الفرنسيين لما يتميز به جبرين أق محمد من معرفة واسعة للمنطقة وتراثها فاستعملوه في الاستكشافات الجغرافية والتاريخية وأصبح الدليل الرسمي لكل مهمات البعثات العلمية في الطاسيلي.
وفي سنة 1932 اكتشف جبرين أق محمد منطقة تادرارت وضواحيها لما تتميز به من رسومات ونقوشات صخرية، وأولى المهمات التي قام بها هي تلك التي رافق فيها المنقب برنان BERNAN سنة 1933. حينما دله على منطقة "تين كني" أين عثر على البقايا الاثرية والرسومات والنقوش الصخرية التي يعود تاريخها إلى عصور ماقبل التاريخ.
إضطلع هنري لوط "H. LHOTE" على بيانات برنان "BERNAN" عام 1935 فطلب من جبرين أق محمد مرافقته في رحلة استكشافية مطولة مسح خلالها منطقة واسعة شملت هضبة الطاسيلي ومنطقة تادرارت قبل أن يعود إلى مدينة جانت.
كما شارك جبرين أق محمد في عدة مهمات لرسم الخرائط العسكرية منها مهمة تادرارت وأميوك عام 1937، كما قاد فريقا من المهندسين لترسيم الطريق وتحديد المسالك ووضعها على خرائط المنطقة.
و بين سنتي 1949 و1952م أصبح هو الدليل الرسمي لجامعة الجزائر التي حققت تقدما في ميادين شتى كالجغرافيا والجيولوجيا وعلم المناخ وعلم النبات والحيوانات، وعين في توجيه البعثات العلمية لما له من علم غزير وخبرة وكفاءة، ترقى به من موقع الدليل إلى منصب الزعامة.
من عام 1956 إلى عام 1969 شارك جبرين أق محمد في بعثات أخرى حيث رافق لوط هنري إلى عدة مناطق منها صفا، تمغيت، إجابران، تيسوكاي وهضبة تاجلاهين.
آثار تيبازة الرومانيّة
على سواحل البحر الأبيض المتوسط، وغير بعيدٍ عن العاصمة الجزائر، تقع واحدةٌ من أجمل المدن الجزائرية، مدينة تيبازة، التي تنثر سواحلها عبق الجمال، وتعكس زرقة البحر، بينما تصطف غاباتها لترسم لوحات طبيعية ساحرة. أما في داخلها فتخفي المعالم الأثرية والتاريخية المنتصبة على ترابها تاريخاً طويلاً لمدينة جمعت بين طياتها مختلف الحضارات والحقبات التاريخية، من الفينيقيين إلى الرومان، ثم العثمانيين، والفرنسيين.
أمّا الآن فقد تحولت بفضل ذلك إلى الوجهة السياحية الأبرز بالجزائر تيبازة هي واحدة من أكثر الآثار الرومانيّة شهرة في الجزائر ، ولقد تمَّ تشييدها فوق ثلاث تلال صغيرة ، وتُشرف على المحيط، وتمتعت بأهمية كبيرة كونها كانت محطة تجارية صغيرة.
وتتميز تيبازة باحتوائها على مجموعة من الآثار الفنيقيّة، والرومانيّة، والبيلاكريوسيّة، والبيزنطيّة، هذا بالإضافة إلى احتوائها على المعالم الأثريّة الأصليّة، وقد أُدرجت ضمن مواقع اليونسكو للتراث العالمي عام 1982م. على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
تقع قرية تيبازة و التي وتبتعد عن الجهة الغربيّة للعاصمة الجزائرية بسافة قدرها 65 كيلومتر، وتتميز القرية بمينائها وشواطئها المحميّة. تعرضت تيبازة إلى الحكم الرومانيّ غير المباشر في أوائل القرن الأول قبل الميلاد، وذلك عندما تعرّضت موريتانيا، وخاصة منطقة الشمال الإفريقي التي تقع فيها تيبازة لحكمهم. حيث منح الإمبراطور الروماني كلاوديوس حقوق تيبازة اللاتينية بضم موريتانيا في 43م، وبعد ذلك أصبحت تيبازة مُستعمرة رومانيّة كاملة، وتمتعت تيبازة بأهمية تجارية وعسكرية كبيرة في فترة الحكم الرومانيّ، وذلك بسبب مينائها وموقعها الذي يتوسط الطرق الساحليّة الرومانيّة في شمال القارة الأفريقية.و من آثار المدينة :
- المدرج الذي شهد العديد من المعارك البحريّة في القرنين الرابع والخامس، وهو أحد مراكز الترفيه الرئيسيّة في البلدة القديمة، ولكن لم يتبقَ الكثير من هياكل المحيط، ولكن لا تزال الجدران البيضاويّة في ساحة المدينة
- بقايا الأسواق التي كانت تبيع الأسماك.
- مسرح تيبازة، وهو مكان ترفيهيّ.
- المنطقة المسيحيّة، حيث قام المسيحيون بتطويرها، وتحتوي على مجمع ديني (البازيليك)، والذي تمَّ الانتهاء من بنائه في القرن الرابع، ويُذكر أنَّه كان أكبر المباني المسيحيّة في الشمال الأفريقيّ، كما ويوجد مقابر، وحمامات في المكان.
- شاطئ تيبازة: تمَّ تخصيص مساحة مُعينة للفيلات الكبيرة، ومجمعات الحمامات، وتحتوي بعضها على الفسيفساء، وكان في منتصف المباني فيلا فريسكو، وهو منزل كبير ومُدهش، وكان يُغطي مساحة قدرها 1,000 متر مربع، حيث بُني في القرن الثاني الميلادي أثناء رخاء تيبازة.
- الجدار الرومانيّ، والذي بناه الرومان لحماية القرية ضد الهجمات، ويبلغ طوله حوالي 2,300 متر، وقد تمَّ تشييد المباني الرومانيّة العامة والمنازل داخل الجدار.
كاتيدرائية السيدة الافريقية
اقترنت تسميتها بـ"السيدة الأفريقية" مرجاريت بيرجر نسبة إلى الخادمة النصرانية ذات البشرة السوداء مرجاريت بيرجر، التي شدت الرحال من مدينة ليون الفرنسية نحو مدينة الجزائر في القرن التاسع عشر من أجل التعريف بدينها في القارة السمراء. استقرت مرجاريت برفقة الأسقف في أعالي العاصمة الجزائرية.
ولكن خلو المنطقة من كنيسة للعذراء وقتها، جعلها تتطلب وتُلِح على الأسقف "بافي" بوجوب أن يشيد للعذراء معبدا في الجزائر، ولكن تكلفة بناء الكنيسة كانت باهظة، ومن أجل تحقيق ذلك، وجه الأسقف دعوة لجمع الأموال من كل المسحيين، فتهاطلت التبرعات والهبات من فقراء المسحيين وأغنيائهم في فرنسا وأوروبا، ومن جنرالات وقادة فرنسا.
وُضع حجر الأساس لكنيسة العذراء سنة 1858 على هضبة مرتفعة تقابل البحر في منظر رائع مطل على البحر المتوسط من خلاله يمكن رؤية البواخر، ويحس المرء وكأنه في خيال مع الطبيعة ومشاهدة كل ما يدخل إلى مدينة الجزائر.
على ارتفاع 227 مترًا من سطح البحر المتوسط و في الجزائر العاصمة بالضبط يقع قصر السيدة الافريقية و هو من أشهر الكنائس في إفريقيا، واقترنت تسميتها بـ"السيدة الإفريقية" نسبة إلى الخادمة المسيحية مارجريت بيرجر التي شدت الرحال من مدينة ليون الفرنسية نحو مدينة الجزائر في القرن التاسع عشر، وتوفيت عام 1857 ودفنت داخل الكنيسة.
تعرف أيضًا باسم كاتدرائية السيدة الإفريقية و تتميز الكنيسة بتصميمها المعماري الفريد، والذي يجمع بين الطراز القوطي وهي وجهة سياحية شهيرة، حيث يزورها الكثير من السياح والمقيمين للاطلاع على تاريخها وجمال تصميمها المعماري.
حيث تلعب كنيسة دورًا هامًا في التاريخ الثقافي والديني للجزائر، وتمثل جزءًا من تاريخ البلاد خلال فترة الاستعمار الفرنسي الكنيسة تعتبر معلما سياحياودينيا وثقافيا شامخا بامتياز ، تُطل على ربوة على شواطئ البحر المتوسط على مدينة باب الواد في الجزائر.
دُشنت في الرابع من أيار عام 1872 بطراز معماري بيزنطي وزخارف عربية إسبانية، من روائع تصاميم المهندس المعماري جان أوجين فروماجو
.تقع "السيدة الأفريقية" الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في منطقة باب الواد، أشهر الأحياء الشعبية في العاصمة الجزائر، فوق جبل يعلو 228 متراً عن سطح البحر، واستغرق بناؤها 14 عاماً كاملاً بدءاً من 1858 تحت إشراف المهندس المعماري الفرنسي جان أوجين فرومجو الذي اعتمد على الطراز البيزنطي وزخارف عربية- إسبانية، وبذلك تعتبر من أشهر كنائس منطقة المتوسط والعالم، وأول كنيسة كاثوليكية تشيّد في أفريقيا
تتميز الكنيسة بطرازها المعماري البيزنطي، بينما يغلب على زخرفتها الطابعان العربي والإسباني. يوجد في يسار الكنيسة لائحة منقوشة عليها العبادة المريمية في شمال أفريقيا في القرن الأول. وتقابلها حجرة منحوتة منقوش عليها اسم مريم، وحولها تذكرة مريمية من القرن الرابع عشر مكتوبة باللاتينية والعربية والأمازيغية صدرت عن تازملت في القبائل الأمازيغية الصغرى مكتوب عليها “احمي خدمك يامريم”.
وفي فناء وسط الكنيسة يوجد على الجدران كتابات نذور كُتبت بالعربية والأمازيغية والفرنسية، بعضها قديمة والأخرى حديثة، نقرأ في الجهة اليمنى نذرا لرائد الفضاء فرانك بورمان عندما وصل إلى الفضاء سنة 1970.
وفي عمق الفناء يوجد فوق الرصيف بلاطا مأتميا لآنا سانكان، وهي واحدة من الأشخاص الذين ساعدوا في بناء الكنيسة، وفي كل جهة من عمق الكنيسة توجد قبة على اليسار مهداة للقلب الأقدس وعلى اليمين مهداة للقديس يوسف. في الأعلى يوجد القبة الكبيرة المزينة بالزجاج الملون، بجانبها نجد تمثالا للقديس أغسطينوس مع صور جدارية تبين مراحل حياته، وتمثال أخر مصنوع من الخزف الأزرق أنجز من قبل فنان جزائري.
وحول صدر الكنيسة توجد الصلاة التي كتبت منذ قرن “يا سيدة أفريقيا صلي من أجلنا ومن أجل المسلمين”.
في المظهر الخارجي للكنيسة ومن جهة البحر يوجد تمثال السيدة الإفريقية وهي تستقبل الزائرين، وهو التمثال المستوحى من الخادمة النصرانية مارجريت التي تُوفيت عام 1875 ودفنت داخل الكنيسة. وتتميز الكنيسة بقبتها المصنوعة من الحجر الرملي التي يمكن رؤيتها من مناطق عديدة من العاصمة الجزائرية.
أُعيد افتتاح الكنيسة عام 2010، بعد عملية ترميم استمرت 4 سنوات. وتبقى "السيدة الأفريقية" رمزاً للتعايش السلمي بين الحضارات والتضامن بين الديانات في الجزائر. إذ استجاب خلال الأيام الماضية حوالي 200 شخص، من بينهم دبلوماسيون وممثلون عن جمعيات مختلفة، لدعوة الكنيسة الكاثوليكية إلى الالتقاء والصلاة من أجل السلام في قطاع غزة. وقال رئيس أساقفة الجزائر العاصمة جان بول فيسكو "أردنا تنظيم يوم للصوم والصلاة من أجل السلام وإنهاء القتال، إنه يوم صلاة تضامناً مع جميع سكان غزة"، مشدداً على النية الجماعية وراء التجمع.
و أخيرا و كخلاصة، فإن الجزائر بلد كبير بحجم قارة ، هو وجهة سياحية بامتياز، جمالها يجمع بين عبق التاريخ وجمال الطبيعة. من قلعة بني حماد، التي تعد نموذجًا مدهشًا للعمارة الإسلامية في العصور الوسطى، إلى مرتفعات طاسيلي ناجر التي تضم رسومات صخرية نادرة تعود لآلاف السنين، تتنوع المعالم التي تُبرز عمق الحضارة الإنسانية هنا.
ولا يمكن أن تفوتك زيارة القرية الرومانية في تيبازة، حيث تلتقي الآثار الرومانية بشواطئ المتوسط، أو كنيسة السيدة الإفريقية في العاصمة، التي تطل على مناظر خلابة لخليج الجزائر وتمزج بين الطرازين البيزنطي والأندلسي. تعال واستكشف هذا الإرث الثقافي الفريد المتوارث منذ ما قبل التاريخ الجزائر بانتظارك لتكتشف سحرها وتاريخها العريق.